الخميس، 5 يناير 2017

كفاية الاحتمال للحكم بالتذكية في سوق، وعدم كفايته في سوق آخر

فائدة علمية

كفاية الاحتمال للحكم بالتذكية في سوق، وعدم كفايته في سوق آخر

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين. وبعد:-
قد لا يفرق بعض أهل العلم -كما تبين من خلال بعض المناقشات- قد لا يفرق بين أصلين في موضوع التعامل مع اللحوم لذا اود ان أشير للفرق بينهما:
فقد ذكر الفقهاء مبدأين:-
الأول اصالة عدم التذكية.
الثاني أصالة أمارية يد المسلم وسوق المسلمين وان كانت مسبوقة بيد الكافر.
فما هما هذان الاصلان وما هو الفرق بينهما؟
المبدأ الأول: أصالة عدم التذكية ويقصد بها ان ما يؤخذ من يد غير المسلم او ما يجلب من بلادهم مع الشك في ذكاته يحكم بعدم التذكية، فان لم يقم طريق معتبر على الذكاة فلا يجوز أكله اجماعا، واختلف في طهارته فمنهم من أجرى قاعدة الطهارة، فحكم بطهارة اللحم والشحم والجلد، وذلك للبناء على ان الميتة أمر وجودي، ولا يثبت هذا الامر الوجودي باستصحاب عدم التذكية الا بنحو الأصل المثبت، وهو غير حجة، كما اختلف في جواز الصلاة فيها فالسيد الخوئي (قده) يمنع من الصلاة فيها والسيد السيستاني مد ظله يجيز الصلاة فيها والخلاصة انهم يتفقون على عدم جواز الأكل ما لم تثبت التذكية، ويختلفون في الحكم بالطهارة وفي الصلاة فيها.
المبدأ الثاني: أمارية يد المسلم وأمارية سوق المسلمين ويقصد به ان اللحم والشحم والجلد المشكوك في تذكيته إذا أخذ من يد المسلم او سوق المسلمين يحكم بانه ذكي.
ثم انه طرح سؤال وهو هل يد المسلم وسوق المسلمين أمارة وان كانت مسبوقة بيد غير المسلم؟ بمعنى ان ما نأخذه من يد المسلم هل نحكم بانه مذكى برغم انه أخذه من غير مسلم او من بلاد غير المسلمين؟
وأجاب أغلب الفقهاء على ذلك بان أمارية يد المسلم وأمارية سوق المسلمين لا تسقط عن الاعتبار حتى في هذه الحالة فهي طريق شرعي لإثبات التذكية، اذ لا يجب السؤال وإذا عرفت انه أخذه من غير مسلم تبقى يده أمارة على التذكية بشرط ان لا تقطع بانه لم يفحص أصلا ولم يتحقق من أمر التذكية، فيكفي لبقاء أمارية يد المسلم ولسوق المسلمين ان تحتمل احتمالا معتدا به انه فحص وأحرز التذكية اذ مع العلم بعدم احرازه التذكية يكون الحال كما لو اشتريت اللحم مباشرة من غير المسلم.
والخلط الذي قد يحصل عند بعض اهل العلم هو الخلط بين الاحتمال والشك في المبدأ الأول من جهة والاحتمال والشك في المبدأ الثاني فبما ان الأصل فيما يستورد من بلاد غير المسلمين عدم التذكية فيطبقه مباشرة على ما يستورده المسلم وينسى ان هذه وظيفة المستورد وليست وظيفة الزبون والمشتري من المستورد.
وحل الاشكال يكون ببيان ان أصل عدم التذكية انما هو حكم المستورد ومن يأخذ اللحم والشحم والجلد مباشرة من غير المسلم، لكن المشتري من المسلم او من سوق المسلمين لا يطبق اصالة عدم التذكية بل يطبق اصالة التذكية فيكفي احتمال التذكية هنا للحكم بها في المقام الثاني.
فالسؤال والفحص والتأكد من التذكية انما هو وظيفة المستورد، وليس وظيفة الزبون، فيكفي ان لا يعلم الزبون ويحتمل ان المستورد قام بواجبه ليأخذ بلا سؤال ويأكل هنيئا وبلا وسوسة.
والخلاصة ان المبدأ الأول حكم المستورد وان المبدأ الثاني حكم المستهلك.
علوي الموسوي البلادي