تحدثنا في المقال السابق (انتظار السراب) عن تمسك الظالم والمستبد بالامتيازات والصلاحيات على حساب الأمة وان منطق المعادلات يقضي ببقاء ما كان على ما كان حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وحين تتعالى الأصوات المنادية بالحقوق وحين تتواصل الاحتجاجات على السياسات الجائرة فليس من السهولة حصول تنازل سريع لينال الناس حقوقهم على طبق من ذهب فلا تكتسب الحقوق إلا بعد جهاد طويل وإصرار على الممانعة ومواصلة طريق ذات الشوكة.
فأول ما ربما يفكر فيه الطغاة أسلوب القبضة الحديدية وزيادة إقصاء الجماهير عن حقوقها، حتى يرتدع الناس عن جريمة المطالبة بالحقوق ويفكر ألف مرة كل من تسول له نفسه الاعتراض على ولاة الأمر.
ثم بعد طول المواجهة يفكر الطغاة بأسلوب دفع الرشوة للمعارضين كتأمين للحفاظ على ملك رقاب العباد والبلاد فإذا لم ينفع هذا ولم يجد ذاك يتم اللجوء إلى أسلوب الكر والفر والمراوغة تماما كما يفعل المحارب المحترف في الميدان فتتم المناورة بصور شتى لخداع الرأي العام.
انه أدهى أسلوب يمارسه الطغاة المستبدون للقفز على المطالب ونهب الحقوق والتمادي في سفك الدماء وهتك الأعراض وإحكام القبضة على مفاصل الدولة وممتلكات الشعب وحقوقه.
كمواطن مراقب للتاريخ الموثق لماضي الحكم وممارساته الحاضرة التي شهدنا كثيرا من فصولها أرى ان التاريخ يعيد نفسه وان كل ما شهده أسلافنا وما عانى منه الجيل بل الأجيال السابقة والمتلخص في مناورات مارسها الحكم لم يتحصل الوطن منها على ما يستحقه من أدنى مقومات العدل وابسط درجات الحقوق.
هذا المشهد يعاد استنساخ جيناته على جسد امتنا مع تغيير في الإخراج يتناسب مع المرحلة مستفيدا من تجارب السلف.
فالمشروع اللقيط سنة (2002) المسمى زورا بالدستور مع مسعفاته من تركيب فاقع التمييز للدوائر وتصميم محكم للائحة الداخلية وممارسة لا تلتزم السلطة حتى بنفس المبدأ الذي تسنه فغني عن البيان ان هذا المشروع ليس سوى مناورة ذكية وذرا للرماد في العيون فهو أكبر خادم للنظام وأعظم تصميم لا يحافظ على سلب الحقوق فحسب بل يرسم خارطة لتعزيز صلاحيات النظام وزيادتها وإعطائها الصبغة القانونية.
لن أسرد أمثلة يعرفها الجميع مكتفيا بمصيبة المصائب سرطان التجنيس السياسي لتغيير التركيبة الديموغرافية الذي يفتك بجسد الوطن حصل على غطاء قانوني دستوري أعلى من الغطاء القانوني العادي.
لا أجدني بحاجة لشرح فكرة غاية في الوضوح تتمثل في استحالة تغيير بمقدار ذرة في المشروع اللقيط لمنحه أعلى الضمانات للمحافظة على استمرارية خدمة نظام الحكم بامتياز ومع ذلك لا يمل النظام و (عرابوه) من الدعوة إلى (إياك إياك أن تبتل بالماء) مع (إلقائنا في اليم) فلا يفتئون يكررون إمكانية التغيير من الداخل الذي أثبتت بعض الضمانات قدرتها الفائقة على المنعة من أي تغيير طفيف وبقيت سائر الضمانات لم تستعمل بعد وتم ادخارها لليوم الأسود.
وبالنسبة للمراقبة والمحاسبة التي طبلوا لها حتى صمت آذاننا وأصبنا بالغثيان فلم يملوا من الزعم أنها سلطة يمكن من خلالها تحقيق شيء ما فقد ثبت خواؤها تماما
حتى بات الأمر أجلى من الشمس وأبين من أمس.
النتيجة التي آل لها وضعنا بعد تحقيق سمعة دولية جيدة للنظام وانه نظام يضارع أعرق نظم المملكات الدستورية وبعد زيادة جرعة الكذب الفاخر بان هذا النظام يتفوق في الفضل على دول العالم كافة.
النتيجة هي تمكين الطائفيين الظلاميين من مفاصل الدولة.
واشغال المواطنين بمماحكات طائفية.
ونفي الولاء للوطن عن طائفة كبرى من المواطنين واعتبارها دخيلة ومرضا سرطانيا.
نهب كامل لثروات الوطن من الأراضي والبحار والنفط ومال عام.
تجنيس مخيف يتم به إذابة السكان الأصليين.
عودة لأساليب الاعتقال السياسي والتعذيب المنهجي المنظم للنشطاء السياسيين.
وغير ذلك الكثير مما يشيب له الولدان.
كل ذلك حصل في فترة قياسية والآتي أعظم.
لتروا المزيد انتظروا إني معكم من المنتظرين.
هناك تعليق واحد:
hye there..
what a beautiful blog!!
please bring your flag to our site.
just click
kiden best!
thanx,
byebye.
إرسال تعليق