الاثنين، 24 سبتمبر 2012

محدث هل قال الامام الحجة (ع): افد يا مفيد فان اخطأت فعلينا التسديد؟


هل قال الامام الحجة عليه السلام للشيخ المفيد: افد يا مفيد فان اخطأت فعلينا التسديد؟

او عليك الفتوى وعلينا التسديد ونحو ذلك من تعابير متشابهة؟


الجواب: جاء في كتاب (رعاية الامام المهدي  للمراجع والعلماء الاعلام)  تأليف علي الجهرمي ص61 وما بعدها ما نصه:
يذكر المرحوم الميرزا محمد التنكابني رحمة الله عليه هذه الحادثة كما يلي: وفد احد القرويين الى مجلس الشيخ المفيد وسأله عن امراة حامل ماتت وجنينها حي في بطنها ، هل تدفن هكذا ، ام تشق بطنها ويستخرج الطفل منها ؟ فأجاب الشيخ: ادفنوها هكذا . فخرج الرجل عائدا ادراجه ، وفي اثناء الطريق رأى فارسا مسرعا يتبعه ، وحين وصل اليه ترجل وقال له: يا رجل الشيخ المفيد يقول: شقوا بطن هذه المتوفاة واخرجوا الطفل ثم ادفنوها .
والتزم القروي بهذا التصحيح ، وبعد مدة اخبر الشيخ المفيد بما جرى ، فقال : انه لم يرسل احدا ولا شك ان هذا الفارس هو صاحب الزمان عليه السلام وهذا يعني اننا نخبط خبط عشواء في فتاوانا ، فما احرى ان لا نفتي بشيء بعد الان.
وبالفعل التزم بيته لا يغادره حتى جاءه التوقيع من صاحب الامر عليه السلام ( عليكم الافتاء وعلينا تسديدكم وعصمكم من الخطأ) فما كان من الشيخ المفيد الا ان عاود الجلوس على منبر الفتيا.
رعاية الامام المهدي  للمراجع والعلماء الاعلام  تأليف علي الجهرمي ص61 وما بعدها.
ملاحظاتنا:-
الاولى:-  ليس عندي كتاب قصص العلماء للميرزا محمد التنكابني حتى اراجعه ، وقيل انه ولد سنة  1234  وتوفي سنة 1302 هجرية.
اما الشيخ المفيد رحمه الله تعالى فقد ولد سنة 336 او سنة 338  اي بعد وفاة السفير الرابع الشيخ علي بن محمد السمري بسبع او تسع سنوات اذ توفي السمري رحمه الله سنة 329 اما الشيخ المفيد فقد توفي سنة 413 هجرية.
فتكون ولادة صاحب كتاب قصص العلماء بعد وفاة الشيخ المفيد رحمه الله تعالى بنحو 821 سنة فلا يمكن ان يروي عن الشيخ المفيد رحمه الله تعالى ولم نجد لهذه القصة عينا ولا اثرا في المصادر الاخرى.
الملاحظة الثانية:- تضمنت القصة بان الشيخ المفيد افتى بدفن الحامل المتوفاة مع جنينها الحي وهذا غير قابل للتصديق اذ كيف افتى الشيخ بجواز قتل الجنين؟
الملاحظة الثالثة: تزعم القصة  بان صاحب الزمان عليه السلام اخبر القروي بان الشيخ المفيد أمر بشق بطن المتوفاة وان الامام عليه السلام كذب على القروي وهذا لا يمكن قبوله بحال ولا تصح نسبته للإمام الحجة المعصوم روحي لمقدمه الشريف الفداء.
الملاحظة الرابعة:-  تضمنت القصة التزام الامام عليه السلام بعصمة الشيخ المفيد وتصحيح فتاواه (عليكم الافتاء وعلينا تسديدكم وعصمكم من الخطأ) فبعد وقوع الشيخ المفيد في الخطأ المزعوم افتاه الفارس الذي اعتقد انه الامام عليه السلام بانه يجب عليك الافتاء بالرغم من ان الافتاء لا يجب على الفقيه ولكن القصة تزعم ان الامام عليه السلام افتى بانه يجب على الشيخ المفيد التصدي للإفتاء.
وانه يجب على صاحب العصر والزمان تصحيح الفتاوى الخاطئة للشيخ المفيد.
اقول: يلزم من ذلك سقوط الاجتهاد وتعين تقليد الشيخ المفيد وحجية كل فتاواه بل تقدمها وحاكميتها على كل الروايات الاخرى في حال عدم موافقتها لفتاوى المفيد لفرضية تصحيح الامام عليه السلام لها وينحصر الاجتهاد في ما لم يفت به الشيخ  كمستحدثات المسائل.
وكيف خفي هذا الامر الخطير على الشيخ الطوسي وسائر اساطين المذهب ممن عاصروا الشيخ او تأخروا عنه؟
أغفل شيخ الطائفة عن تصحيح الامام عليه السلام لفتاوى شيخه الشيخ المفيد فراح ينظر في الروايات ويجتهد في الاخبار؟
وكيف لم يدع الشيخ ذلك ولم يشر له في اي من كتبه على كثرتها وكيف اختفى هذا الامر المهم والخطير من كتب علمائنا الاعلام على مر القرون؟
فلم يناقش الشيخ ولا غيره من الاعلام فرضية صحة فتاوى الشيخ المفيد رحمه الله تعالى لا من قريب ولا من بعيد .
وليت شعري اليس هذا اقرب لدعوى السفارة الخاصة حيث يتلقى الشيخ المفيد تصحيح الفتاوى بما يوافق الواقع؟
مع ان الشيخ المفيد كسائر علماء الطائفة يؤكد الانقطاع عن الامام عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى فنراه يقول في كتاب الارشاد:
وكان الخبز بغيبته ثابتا قبل وجوده ، وبدولته مستفيضا قبل غيبته ، وهو صاحب السيف من أئمة الهدى عليهم السلام ، والقائم بالحق ، المنتظر لدولة الإيمان ، وله قبل قيامه غيبتان ، إحداهما أطول من الأخرى ، كما جاءت بذلك الأخبار ، فأما القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة . وأما الطولى فهي بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف . الارشاد للشيخ المفيد ص 340.
فها هو ينادي بانقطاع السفارة بين الامام عليه السلام وشيعته بعد الغيبة الصغرى التي ولد بعدها بسبع او تسع سنين فكيف يدعي تصحيح فتاواه من الامام عليه السلام؟ ان هذا مما لا يمكن قبوله بحال وكتبه خالية من هذا الاسفاف بل هو منكر لذلك كما سمعت.
وقال في الرسائل الخمس التي كتبها في الغيبة الرسالة الثانية:
فإن قال اي المعترض: فإذا كان الخبر صحيحا كيف يصح قولكم في غيبة إمام هذا الزمان وتغيبه واستتاره على الكل الوصول إليه وعدم علمهم بمكانه ؟
قيل له : لا مضادة بين المعرفة بالإمام وبين جميع ما ذكرت من أحواله ، لأن العلم بوجوده في العالم لا يفتقر إلى العلم بمشاهدته لمعرفتنا ما لا يصح إدراكه بشيء من الحواس ، الى ان قال:
فإن قال : فما ينفعنا من معرفته مع عدم الانتفاع به من الوجه الذي ذكرنا ؟ قيل له : نفس معرفتنا بوجوده وإمامته وعصمته وكماله نفع لنا في اكتساب الثواب ، وانتظارنا لظهوره عبادة نستدفع بها عظيم العقاب ، ونؤدي بها فرضا ألزمناه ربنا المالك للرقاب ، كما كانت المعرفة بمن عددناه من الأنبياء والملائكة من أجل النفع لنا في مصالحنا ، واكتسابنا المثوبة في أجلنا وإن لم يصح المعرفة لهم على كل حال وكما أن معرفة الأمم الماضية نبينا قبل وجوده مع أنها كانت من أوكد فرائضهم لأجل منافعهم ، ومعرفة الباري جل اسمه أصل الفرائض كلها ، وهو أعظم من أن يدرك بشيء من الحواس .
فإن قال : إذا كان الإمام عندكم غائبا ، ومكانه مجهولا ، فكيف يصنع المسترشد ؟ وعلى ماذا يعتمد الممتحن فيما ينزل به من حادث لا يعرف له حكما ؟ وإلى من يرجع المتنازعون ، لا سيما والإمام إنما نصب لما وصفناه ؟
اجاب بكلام طويل الذيل جاء فيه: وكانت البلية فيما يضيع من الأحكام ، ويتعطل من الحدود ، ويفوت من الصلاح ، متعلقة بالظالمين ، وإمام الأنام برئ منها وجميع المؤمنين . فأما الممتحن بحادث يحتاج إلى علم الحكم فيه فقد وجب عليه إن يرجع في ذلك إلى العلماء من شيعة الإمام وليعلم ذلك من جهتهم بما استودعوه من أئمة الهدى المتقدمين الخ.
رسائل الغيبة ج1 ص 14.
وهكذا يقطع من يراجع كلمات الشيخ المفيد المبثوثة في كتبه انه من اشد المنكرين للاتصال بالأمام عليه السلام في زمن الغيبة الكبرى.
والخلاصة انكشف الاسفاف في هذه القصة التي لا يمكن تصديقها بحال فالنسبة للإمام ع انه قال للشيخ المفيد (افد يا مفيد فان اخطأت فعلينا التسديد) من الكذب على المعصوم عليه السلام كفانا الله واياكم شر الكذب على ائمة الهدى عليهم السلام.
اضافة: نقل السيد الخوئي ره عن احتجاج الطبرسي توقيعين من الناحية المقدسة للشيخ المفيد - ليس منها افد يا مفيد- وعقب قائلا:
هذه التوقيعات لا يمكننا الجزم بصدورها من الناحية المقدسة ، فإن الشيخ المفيد - قدس سره - قد تولد بعد الغيبة الكبرى بسبع أو تسع سنين ، وموصل التوقيع إلى الشيخ المفيد - قدس سره - مجهول ... هب أن الشيخ المفيد جزم بقرائن ، أن التوقيع صدر من الناحية المقدسة ، ولكن كيف يمكننا الجزم بصدوره من تلك الناحية ، على أن رواية الاحتجاج لهذين التوقيعين مرسلة ، والواسطة بين الطبرسي ، والشيخ المفيد مجهول .
معجم رجال الحديث ج 18 ص 219 وما بعدها
داعيكم علوي الموسوي البلادي البحراني.


هناك تعليق واحد: