الجمعة، 5 أكتوبر 2012

كيف يعقل الاحتياط بالافطار وهل الاحتياط باتمام الصيام يعني وجوب القضاء احتياطا ايضا؟

كيف يعقل الاحتياط بالافطار وهل الاحتياط باتمام الصيام يعني وجوب القضاء احتياطا ايضا؟
قال السيد السيستاني في منهاج الصالحين:
مسألة  1012: إذا سافر قبل الزوال وجب عليه الإفطار على الأحوط لزوماً خصوصاً إذا كان ناوياً للسفر من الليل، وإن كان السفر بعده وجب إتمام الصيام على الأحوط لزوماً لا سيما إذا لم يكن ناوياً للسفر من الليل.
فما هو وجه الاحتياط هنا؟

اقول: في المسألة شقان الشق الاول يرتبط بمن بدأ سفره قبل الزوال فهل يفطر ويقضي ام يكمل صيامه بلا قضاء؟ واجاب سماحته بوجوب الافطار على الاحتياط اللزومي.
والشق الثاني يرتبط بمن سافر بعد الزوال فهل وظيفته اتمام الصيام او الافطار ثم القضاء؟ واجاب سماحته بوجوب اتمام الصيام على الاحوط لزوما.
وفي كلا الشقين شيء من الغموض او الغرابة والتشويش:-
اما الشق الاول:وهو الاحتياط بالإفطار قد يبدو غير مفهوم اذ اول ما ينقدح في الذهن هو ان الاحتياط يتمثل في الجمع بين الصيام والقضاء فهذا هو مقتضى الاحتياط فكيف صار الاحتياط بالافطار؟
وبعبارة اخرى اذا كان احتمال الوظيفة للمسافر يدور بين الصيام بلا قضاء والافطار مع القضاء فان الاحتياط انما يكون في الصيام احتياطا ثم القضاء فلو كانت وظيفته الواقعية هي الصيام فقد امتثل وادى ما عليه وان كانت وظيفته الافطار فانه يؤدي الوظيفة بالقضاء واما الصيام فانه كان رجاء ومن باب الاحتياط فكيف
جعل سماحة السيد الاحتياط في الافطار؟
الجواب:
ان الاحتياط يعني قيام احتمالين والاحتمالان هنا لا يدوران بين تعين الافطار وتعين الصيام حتى يتخيل ان الاحتياط في الجمع بين الصيام والقضاء.
فاحتمال تعين الصيام ساقط نظرا لتعارض الروايات في هذا المورد من تعين الافطار والتخيير بينه وبين الافطار فالاحتمالان هما 1- تعين الافطار وسقوط الصيام عزيمة ثم القضاء بعد شهر رمضان لطائفة من الروايات.
2- التخيير بين الصيام في السفر بلا قضاء والافطار مع القضاء لصحيحة رفاعة بن موسى قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يريد السفر في رمضان ؟ قال : إذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام وإن شاء أفطر .
وسائل الشيعة ج10 ص 187 ب 5 من ابواب من يصح منه الصوم.
وهكذا يتبين ان الاحتمالين هما 1- تعين الافطار ثم القضاء 2- التخيير بين الف- الصيام بلا قضاء. باء- الافطار ثم القضاء. وبرغم ان المورد من باب الدوران بين التخيير والتعيين وفيه تجري البراءة عن التعيين الا ان الاحتياط بالتعيين فتكون الوظيفة حسب الاحتياط هي الافطار ثم القضاء اي ان سماحة السيد لم يجزم بتعين وظيفة الافطار لقيام احتمال التخيير.
والحقيقة ان الاحتياط ليس في نفس الافطار وانما في تعين هذا الخيار الذي تكون نتيجته عدم اجزاء الصيام احتياطا لو اتى به.
فالتعبير بالإفطار احتياطا فيه نحو تسامح.
وهكذا يتلخص ان تخيل الاحتياط في الصيام ثم القضاء ساقط لسقوط احتمال تعين الصيام في هذا الشق من المسالة وبعبارة اخرى يحتمل فقهيا صحة الصيام منه باعتباره مخيرا بين الصيام والافطار فلو افتى الفقيه بالتخيير كانت النتيجة صحة صيامه وان افتى بتعين الافطار كانت النتيجة عدم صحة صيامه وحيث ان سماحة السيد متردد في ذلك اي في صحة صوم المسافر احتاط باختيار هذا الخيار وهو الافطار بمعنى عدم اجزاء الصيام احتياطا وليس بمعنى تناول المفطر احتياطا وبذلك تزول الغرابة من هذا الشق.
فذلكة:-
هب ان المكلف في مفروض هذا الشق من المسألة صام رجاء واحتياطا فهل يحكم بسقوط القضاء عنه او لا ، حسب ما تقتضيه الصناعة؟
اقول: بناء على ان موضوع القضاء هو الفوت لا يجب القضاء صناعيا لعدم احراز الموضوع وهكذا يمكن الوصول الى نتيجة التخيير فقاهتيا وان انسد اجتهاديا فما لم يثبت بدليل محرز بسبب التعارض يمكن اثباته بالأصل العملي ويبدو ان سماحة السيد لم يفت بذلك وابقى الاحتياط وتفسيرنا لاحتياطه قائم على اساس التعارض في الادلة المحرزة اما عدم افتائه بالتخيير الممكن بالأدلة الفقاهتية فلو تم ذلك عند سماحته فانه لا يتعين عليه الافتاء فله مندوحة اللجوء للاحتياط.
ولو لا قيام احتمال التخيير لما كان للاحتياط بالإفطار اي معنى.
الخلاصة:
ان الاشكال البدوي مبني على مغالطة تفترض قيام احتمال تعين الصيام للمسافر في الصورتين المذكورتين في المسالة وبالكشف عن سقوط هذا الاحتمال ينكشف سقوط الاشكال
وزبدة الاحتياط عند سماحة السيد هو عدم اجزاء صيام المسافر قبل الزوال فتبين ان الاشكال مغالطاتي.
واما الشق الثاني: وهو من سافر بعد الزوال فبرغم ان الاحتياط بالصيام موافق للقاعدة ولا يحتاج توضيحا عكس الشق الاول الذي جعل الاحتياط فيه في الافطار فلا غرابة في هذا الشق من هذه الجهة الا ان الغموض في هذا الشق من جهة اخرى وهي انه ربما يقال بان اتمام الصيام لما لم يكن فتوى وانما على نحو الاحتياط فلازمه وجوب القضاء احتياطا لعدم احراز براءة الذمة فهل يعني الاحتياط هنا الجمع بين الاتمام والقضاء حقا؟
الجواب:
اذا كان الاحتياط هنا بمعنى انتخاب هذا الخيار في مقابل خيار التخيير فلا مقتضى للقضاء وان كان بمعنى الاتمام في مقابل احتمال تعين الافطار فان الاحتياط يقتضي الجمع بين التمام والقضاء والظاهر هو الاول اي اختيار تعين الافطار في مقابل التخيير فيكون الصيام مجزيا على كلا التقدريرين تقدير التخيير وتقدير التعيين.
تنبيه: الاحتياط ليس في مطلق صوم المسافر بل في خصوص الصورتين المذكورتين في المسألة فسماحة السيد يعتبر الحضور شرط في صحة الصوم في الجملة فمن كان مسافرا قبل الفجر مثلا يجب عليه الافطار ولا يشرع بحقه الصوم.
علوي الموسوي البلادي البحراني

هناك تعليق واحد:

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

بعد نشر موضوع (كيف يعقل الاحتياط بالافطار وهل الاحتياط باتمان الصيام يعني الاحتياط بالقضاء ايضا) لاحظت كلام سماحة السيد متطابق مع تفسيرنا فد جاء في المسائل المنتخبة ط الجديدة(مسألة468) : يجب ـ على الأحوط ـ إتمام الصوم على من سافر بعد الزوال و يجتزى به ، و أما من سافر قبل الزوال فلا يصح منه صوم ذلك اليوم على الاحوط لزوما -وان لم يكن ناويا للسفر من الليل-فيجوز له الافطار بعد التجاوز عن حد الترخص وعليه قضاؤه.
اقول: لاحظ دقة العبارة: يجوز له الافطار اي لا يتعين فيجوز له الصوم لانه يحتمل احد الخيارين وعليه قضاؤه ان افطر فقطعا وان صام فاحتياطا.