كم
عدد القنوتات في صلاة العيدين؟
الكلام
يقع في مقامين:-
المقام
الاول في الاقوال في المسالة وهي:-
القول
الاول: وهو المختار اربع قنوتات للركعة الاولى وثلاث قنوتات للركعة الثانية وذهب
لذلك جماعة من الفقهاء منهم:-
1- الشيخ الطوسي (المتوفى 460 هج) في المبسوط اذ قال ما نصه:
وكيفيتها أن يفتتح صلاته بتكبيرة الإحرام ويتوجه إن شاء . ثم يقرأ الحمد و سورة
الأعلى ثم يكبر خمس تكبيرات يقنت بين كل تكبيرتين منها بما شاء من الدعاء والتحميد
فإن دعا بما روي في هذا المواضع من الدعاء كان أفضل . ثم يكبر السابعة و يركع بها
فإذا قام إلى الثانية قام بغير تكبير ، ثم يقرأ الحمد ويقرأ بعدها والشمس وضحيها .
ثم يكبر أربع تكبيرات . يقنت بين كل تكبيرتين فيها . ثم يكبر الخامسة ويركع.
المبسوط ج1 ص169.
وقال
في في النهاية: وصلاة العيدين ركعتان باثنتي عشرة تكبيرة سبع في الأولى . يفتتح
صلاته بتكبيرة الاحرام ، ويتوجه إن شاء . ثم يقرأ الحمد وسورة الأعلى ، ثم يكبر
خمس تكبيرات ، يقنت بين كل تكبيرتين منها بالدعاء المعروف في ذلك . وإن قنت بغيره
، كان أيضا جائزا . ثم يكبر السابعة ، ويركع بها . فإذا قام إلى الثانية ، قام
بغير تكبير ، ثم يقرأ الحمد ويقرأ بعدها " والشمس وضحيها " ، ثم يكبر
أربع تكبيرات ، يقنت بين كل تكبيرتين فيها ، ثم يكبر الخامسة ويركع بها. النهاية
ص135.
2- الصدوق المتوفى سنة 381 هج في المقنع اذ قال: يبدأ الإمام فيكبّر واحداً ، ثم يقرأ ، ثمّ
يكبّر خمساً ، يقنت بين كلّ تكبيرتين ، ثمّ يركع بالسّابعة ويسجد سجدتين ، فإذا
نهضت ( إلى الثانية ) كبّرت أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام ، وركعت بالخامسة .
المقنع ص 149.
اقول:
لم يصرح قدس سره بعدد قنوتات الركعة الثانية.
3- السيد محمد بن علي الموسوي العاملي المتوفى 1009 ه في مدارك
الاحكام في شرح شرائع الاسلام:
واعلم
أن في قول المصنف رحمه الله : ثم يكبر أربعا يقنت بينها أربعا ، تجوز لأنه إذا
كانت التكبيرات أربعا لم يتحقق كون القنوت بينها أربعا بل ثلاثا . وكان الأظهر أن
يقول : ويقنت بعد كل تكبيرة . إلا أن المستفاد من الروايات سقوط القنوت بعد
الخامسة والرابعة ، كما يدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة يعقوب بن يقطين
المتقدمة : " ويكبر خمسا ويدعو بينها ، ثم يكبر أخرى يركع بها " الحديث . وفي رواية إسماعيل الجعفي : " ثم
يكبر خمسا يقنت بينهن ، ثم يكبر واحدة ويركع بها " إلى أن قال : " وفي
الثانية والشمس وضحاها ، ثم يكبر أربعا ويقنت بينهن ثم يركع بالخامسة " وهو
الظاهر من كلام ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، فإنه قال : يبدأ الإمام فيكبر
واحدة ، ثم يقرأ الحمد وسبح اسم ربك الأعلى ، ثم يكبر خمسا يقنت بين كل تكبيرتين ،
ثم يركع بالسابعة .
القول
الثاني: خمس قنوتات للركعة الاولى واربع للثانية ذهب له جماعة منهم -:
الف-
الشريف المرتضى في جمل العلم والعمل ص 74.
باء-
العلامة الحلي في تذكرة الفقهاء ج4 ، ص124 و128.
جيم-
المحقق الحلي في شرائع الاسلام حيث قال: ويقنت بالمرسوم حتى يتم خمسا . ثم يكبر
ويركع . فإذا سجد السجدتين قام بغير تكبير فيقرأ الحمد وسورة ، والأفضل أن يقرأ
الغاشية . ثم يكبر أربعا يقنت بينها أربعا ، ثم يكبر خامسة للركوع ويركع . شرائع الاسلام ج1 ص 78.
القول
الثالث: خمس قنوتات للركعة الاولى وثلاث للثانية ذهب له المفيد في المقنعة ص194.
قال
صاحب الجواهر: وهو اختيار السيد المرتضى وابن بابويه وأبي الصلاح وسلار. جواهر
الكلام ج7 ص439.
اقول:
استشكل في القنوت الخامس للركعة الاولى وفي الرابع للركعة الثانية صاحب الحدائق
قدس سره اذ قال: وبالجملة فالمسألة غير خالية من شوب الاشكال والأحوط هو الاتيان
بالقنوت الخامس والرابع من غير أن يعتقد به الوجوب .
الحدائق
الناضرة ج10 ص258.
وكذا
الفاضل السبزواري (متوفى 1090 هج) في ذخيرة المعاد اذ قال: المشهور بين الأصحاب ان
مع كل تكبيرة من التكبيرات الزائدة قنوتا فيكون عدد القنوت في الأولى خمسا وفي
الثانية أربعا وعلى قول المفيد ثلاثا وبه صرح ابن زهرة وابن إدريس وجماعة من
المتأخرين لكن المستفاد من كلام الشيخ في النهاية والمبسوط ان القنوت في الأولى
أربع وفي الثانية ثلاث حيث قال يقنت بين كل تكبيرتين يعني من التكبيرات الزائدة
وهو المستفاد من صحيحة يعقوب ورواية إسماعيل بن جابر السابقتين والمستفاد من كلام
ابن بابويه ان القنوت أربع في الأولى ورواية أبي الصباح الكناني اشتملت على خمس
قنوتات في الركعة الأولى قبل القراءة وظاهرها ان في الركعة الثانية أيضا خمس
قنوتات فتدبر
ذخيرة
المعاد ج1 ق1 ص320.
المقام
الثاني في بيان المستند وما ورد من الاخبار عن اهل البيت عليهم السلام.
مستند
القول الاول:-
1- صحيح يعقوب بن يقطين في جامع احاديث الشيعة: يب 290 صا 449 -
الحسين بن سعيد ، عن يعقوب يقطين ، قال : سئلت العبد الصالح عليه السلام عن
التكبير في العيدين ، أقبل القراءة : أو بعدها وكم عدد التكبير في الأولى ، وفى
الثانية والدعاء بينهما ، وهل فيهما قنوت أم لا ؟ فقال : تكبير العيدين للصلاة قبل
الخطبة ، يكبر تكبيرة ، يفتتح بها الصلاة ، ثم يقرء ويكبر خمسا ، ويدعو بينهما ،
ثم يكبر أخرى ، ويركع بها ، فذلك سبع تكبيرات ، بالتي افتتح بها ، ثم يكبر في
الثانية خمسا . يقوم فيقرء ، ثم يكبر أربعا ، ويدعو بينهن ثم يكبر ( ثم يركع
بالتكبيرة الخامسة - صا ) التكبيرة الخامسة .
جامع
احاديث الشيعة ج6 ص262. ح10 من ب15 من ابواب صلاة العيدين.
اقول:
ظاهر صحيح يعقوب بن يقطين هذا ان قنوتات الركعة الاولى اربعة وقد لاحظت التهذيب
والاستبصار والوسائل وجامع احاديث الشيعة وفيها كلها العبارة (ويكبر خمسا ويدعو
بينهما) فتحمل على معنى الدعاء بين كل تكبيرتين غير ان السيد محمد في المدارك
نقلها (بينها) فيكون المعنى بين التكبيرات الخمس فتكون اربع قنوتات ايضا.
كما
ان ظاهره ان عدد قنوتات الركعة الثانية ثلاث قنوتات لجملة ( ثم يكبر اربعا ويدعو
بينهن الخ)
2- خبر علي بن ابي حمزة في جامع احاديث الشيعة : يب 289 - صا 448 -
محمد بن يعقوب ، عن كا 128 – على ( بن إبراهيم - يب كا ) عن محمد بن عيسى ، عن
يونس ، عن علي ابن أبي حمزة : عن أبي عبد الله عليه السلام في صلاة العيدين ؟ قال
: يكبر ، ثم يقرأ ، ثم يكبر خمسا ، ويقنت بين كل تكبيرتين ، ثم يكبر السابعة ، و (
ثم - يب ) يركع بها ، ثم يسجد ، ثم يقوم في الثانية ، فيقرء ، ثم يكبر أربعا ، (
فيقنت بين كل تكبيرتين ، ثم يكبر - كا -صا ) ويركع بها.
جامع
احاديث الشيعة ج6 ص261. ح10 من ب15 من ابواب صلاة العيدين.
اقول:
هذا الخبر اوضح من حيث الدلالة وان كان من ناحية السند غير تام لمكان علي بن ابي
حمزة ولكنه مؤكد لصحيح يعقوب بن يقطين.
3- صحيح محمد بن مسلم رواه
في التهذيب عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن محمد بن مسلم ، عن
أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن الكلام الذي يتكلم به في ما بين التكبيرتين
في العيدين ، قال : ما شئت من الكلام الحسن .
اقول:
يظهر منه المفروغية من كون القنوت بين التكبيرتين لكن ما لم يتضح منه ان القنوت
الواقع بين التكبيرتين يلحظ فيه تكبير الركوع ، او لا ، فعلى الاول يكون العدد
خمسة قنوتات ثم اربع قنوتات كما هو القول الثاني ، وعلى الثاني يكون العدد اربع
قنوتات ثم ثلاث قنوتات.
ولكن
مع ذلك يمكن الاستدلال به على القول الاول بتقريب ان العدول عن التعبير ب(عقيب كل
تكبيرة) الى التعبير ب(بين كل تكبيرة) لنكتة بيان العدد فيكون دالا على ان البينية
انما هي بين التكبيرات الزائدة وهي الخمس في الاولى والاربع في الثانية ، فان تم
ذلك والا فلا يصلح الاستدلال به على أي من القولين.
ونظير
هذا الخبر اخبار اخرى والكلام فيها عين الكلام فيه.
اما
القول الثاني فيمكن ان يستدل له بما يلي:-
1- بان المراد من البينية في الاخبار التثليث أي قنوت قبل
التكبيرتين وآخر بينهما وثالث بعدهما ، او المراد من كلمة بينها (فيها) بدعوى
قرينة الفتاوى ومعاقد الاجماعات والنصوص الاخر فقد قال الفقيه المحقق الشيخ محمد
بن الحسن (المتوفى سنة 1266 هـ) في جواهر الكلام:
وكيف
كان ففي قول المصنف : يكبر أربعا يقنت بينها أربعا تسامح ، ضرورة اقتضاء البينونة
كون القنوتات ثلاثة ، فالأولى أن يقول عقيب كل تكبيرة من التكبير الزائد قنوت ،
وكأن الذي دعاه إلى هذا التعبير الايماء إلى المراد مما في النصوص التي عبر فيها
بنحو ذلك....فما في المدارك - من أن الظاهر منها سقوط القنوت بعد الخامس والرابع -
إلى أن قال - : وهو الظاهر من كلام ابن بابويه ثم يكبر خمسا يقنت بين كل تكبيرتين
ثم يركع بالسابعة مما هو ظاهر في الميل إلى ذلك -في غير محله قطعا ، إذ لا ريب في
أن المراد بقرينة الفتاوى ومعاقد الاجماعات والنصوص الأخر التثليث في البينية ، أو
يراد منها معنى فيها كما في بعض النصوص أيضا أو غير ذلك مما لا بأس به بعد
المعلومية ، كما هو واضح ، والله أعلم . جواهر الكلام، ج11 ص 368.
وفيه:
ما عرفت من قول الصدوق والشيخ والخلاف في المسالة فدعوى الاجماع كما ترى على ان التثليث في البينية
ينتج ست قنوتات في الاولى وخمس في الثانية وهو غير مراد قطعا فلم نفهم مقصوده من
التثليث فالمعاني المتصورة له باطلة مثل ثلاث قنوتات بين التكبيرات او ثلاث قنوتات
بين التكبيرتين او ثلاث قنوتات قبل التكبيرتين وبينهما وبعدهما.
واما
حمل كلمة (بينها) على معنى (فيها) فلا شاهد له كما لا محصل له اذ القنوت الاخير
ليس فيها بل بعدها.
2- بان المراد من البينية البعدية تسامحا في التعبير كما في مفتاح
الكرامة في شرح قواعد العلامة للسيد محمد جواد الحسيني العاملي قده (المتوفى سنة
1226 هـ) اذ قال:
قوله
قدّس الله تعالى روحه : ( ويقنت عقيب كلّ تكبير ) قال في« المنتهى » ويقنت بين كلّ
تكبيرة عند علمائنا أجمع ، وقال مالك : يقنت بين كلّ تكبيرتين وأبو حنيفة
والأوزاعي يكبّر متوالياً . فيكون عدد القنوت تسعاً ( تسعة - خ ل ) على المشهور
كما في « الكفاية والذخيرة » وثمانية ( ثمانياً - خ ل ) على القول الآخر
كما يأتي . وبكونه تسعة صرّح الأصحاب حيث
يقولون ويقنت عقيب كلّ تكبيرة . وفي « مصابيح الظلام » نسبته إلى فتوى الفقهاء
تارةً وإلى المشهور اُخرى في موضع آخر .
وفي بعض العبارات يكبّر خمساً يقنت بينها ويكبّر في الثانية أربعاً يقنت بينها وقد
وقع مثل ذلك في عبارة « الشرائع والإرشاد
» والكتاب فيما يأتي ، وقد سمعت عبارة المنتهى . وقد حمل ذلك في هذه العبارات
الشارحون والمحشّون على المسامحة لا على الخلاف ، ووقع في كثير من عبارات القدماء
ويقنت بين كلّ تكبيرتين ، وهذا أيضاً محمول على المسامحة لا على عدم القنوت بعد
الخامسة والرابعة كما ظنّه صاحب « المدارك
» وصاحب « الذخيرة » من الأخبار
وكلام الأصحاب .
وفيه:
ان المسامحة نحو من المجاز الذي لا يمكن المصير اليه دون قرينة .
3- يمكن حمل البينية في الأخبار على الأغلب بمعنى أنه لما كان أكثر
القنوتات واقعا بين التكبيرات - إذ لا يتخلف عن ذلك إلا القنوت الذي بعد التكبيرة
الخامسة في الركعة الأولى والذي بعد الرابعة في الركعة الثانية - صح اطلاق البينية
على الجميع تجوزا وباب المجاز واسع . كما في الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني (متوفى سنة 1186 هج) ج10
ص257:
وجوابه:
ان حمل الكلام على خلاف ظاهره بحاجة الى قرينة وهي مفقودة في المقام واجبا قدس سره
على هذا الوجه بقوله: إلا أنه يمكن خدشه بأن الحمل على خلاف الظاهر لا يصار إليه
إلا مع المعارض ولا معارض هنا من الأخبار والمعارضة إنما هي في كلام الأصحاب .
الحدائق الناضرة ج10 ص258.
وهكذا
لم نجد وجها تاما لهذا القول.
واما
القول الثالث فيمكن الاستدلال له بمضمر سماعة رواه الشيخ في التهذيب: الحسين بن
سعيد عن الحسن عن زرعة بن محمد عن سماعة قال : سألته عن الصلاة يوم الفطر فقال
ركعتين بغير اذان ولا إقامة ، وينبغي للإمام ان يصلي قبل الخطبة ، والتكبير في
الركعة الأولى يكبر ستا ثم يقرأ ثم يكبر السابعة ثم يركع بها فتلك سبع تكبيرات ،
ثم يقوم في الثانية فيقرأ فإذا فرغ من القراءة كبر أربعا ويركع بها ، وينبغي له ان
يتضرع بين كل تكبيرتين ويدعو الله ، هذا في صلاة الفطر ، والأضحى مثل ذلك سواء وهو
في الأمصار كلها إلا يوم الأضحى بمنى فإنه ليس يومئذ صلاة ولا تكبير .
تهذيب
الاحكام ج3 ، ص131.
اقول:
مفاده ان موضع التكبيرات في الركعة الاولى قبل القراءة وموضعها بعد القراءة في
الركعة الثانية ومن ناحية العدد خمس قنوتات للركعة الاولى وثلاث للثانية الا ان
اضماره مسقط له عن الاعتبار خصوصا مع تضمنه قبلية التكبيرات على القراءة المخالف
للأخبار والفتاوى فلم نجد ما يعارض ما دل على القول الاول والله العالم وهو
العاصم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق