السبت، 8 يونيو 2013

هل اللقاء بالإمام الحجة عجل الله فرجه متاح في عصر الغيبة الكبرى؟/ نسخة موسعة

هل اللقاء بالإمام الحجة عجل الله فرجه متاح في عصر الغيبة الكبرى؟

وردنا السؤال التالي السلام عليكم سيدنا ممكن رأيكم في كلام السيد كمال الحيدري بخصوص لقاء الامام المهدي؟

https://www.youtube.com/watch?v=4YMJ8ARtCYA&feature=youtube_gdata_player
وهل يمكن مشاهدة الامام عليه أفضل السلام في عصر الغيبة الكبرى؟
الجواب
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعتقد نحن معاشر الشيعة الامامية بانقطاع السفارة الخاصة للإمام الثاني عشر من أئمة اهل البيت عليهم السلام بوفاة السفير الرابع وبه انتهت الغيبة الصغرى ، وهذا الاعتقاد من مسلمات المذهب وواضحاته الغنية عن الحاجة للمستمسك والمستند ، ولو ادعي قطعية 
صدور صحيحة ابي محمد الحسن بن احمد المكتب ما كانت الدعوى جزافية ولا بعيدة عن الصواب ، فقد اعتمد عليها الاعلام سلفا عن خلف من غير دغدغة او اشكال في امر بالغ الخطورة والاهمية العقائدية والصحيحة هي ما رواها الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة قائلا: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد الْمُكَتِّب‏ قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري ـ قدس الله روحه ـ فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
« بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة الثانية (في بعض النسخ الغيبة التامة) فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلك بعد طول الامد وقسوة القلوب ، وامتلاء الارض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه . ومضى رضي الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه .
(كمال الدين وتمام النعمة ، ص 516)
ولما كانت الرواية بصدد بيان انقطاع السفارة والنيابة الخاصة فسياقها قرينة على ان نفي المشاهدة والتكذيب نفي لما تضمن دعوى النيابة والسفارة ، كما انه لا محذور يمنع مشاهدة الامام عليه السلام بدون النيابة الخاصة او تبليغ امر شرعي.
وهكذا نخلص الى ان مشاهدة الامام عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى لا استحالة فيها ولكن هل تحققت هذه المشاهدة لاحد ام لا؟ او قل هل ثبتت مشاهدة أحد من العلماء او الصلحاء للإمام عليه السلام ام لا؟
قد يعتقد بعض الصلحاء بانه التقى بالإمام عليه السلام وشاهده وقد يصدقه بعض الناس في مدعاه خصوصا اذا كان من العلماء الصلحاء وقد لا يصدقه البعض الاخر من باب الشك في إصابة اعتقاده للواقع فقد يعتقد العالم الصالح المشاهِد لعبد صالح ان هذا العبد الصالح هو الامام المهدي المنظر عليه السلام لقرينة اطمأن لها واورثته الاعتقاد او اليقين بان هذا العبد الصالح هو الامام عليه السلام ولكن هذه القرينة قد لا تولد لنا ما ولدت له من الاعتقاد وهكذا قد يصيب هذا العالم الصالح وقد يخطأ كما هو الحال بالنسبة لكل مجتهد وصاحب راي ونظر.
وهذا الاجتهاد بما انه ليس اخبارا عن حكم شرعي كلي وانما هو اخبار عن امر واقعي وتشخيص لشخص الامام عليه السلام فلا يكون هذا الاجتهاد معدودا من الفتاوى فالفتوى بحسب الاصطلاح اخبار عن الحكم الشرعي الكلي بطريق الحدس والاجتهاد ومجالها العمل وليس الاعتقاد.
فعدم الاعتقاد بحدوث مشاهدة الامام عليه السلام ليس من الفتوى في شيء ، الا ان يكون لسماحة السيد الحيدري اصطلاح خاص في الفتوى.
ولا يجب فقهيا الاعتقاد بصدق مدعي المشاهدة بمعنى الاعتقاد بمطابقة اعتقاده للواقع كما لا يجب تكذيبه ، واخباره بالمشاهدة اجتهاد ليس محلا للتقليد.
اعتقاد مشاهدة الامام عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى من قبل بعض العلماء والصلحاء يمكن المناقشة فيه - وان كان مما لا يجب الاعتقاد بها ولا بعدمها – بان اعتقاده لا يولد اليقين عندنا فهو لم يكن رأى الامام عليه السلام سابقا فكيف نعلم بان من شاهده هو الامام عليه السلام ؟
وهكذا دعوى المشاهدة في حقيقتها دعويان احداهما دعوى مشاهدة شخص بصفات معينة وهذه دعوى حسية قابلة للتصديق.
والدعوى الاخرى ان المشاهَد هو الامام عليه السلام وهذه دعوى حدسية فكون الشخص المشاهد هو الامام عليه السلام أمر حدسي نظري ورأي شخصي للمشاهِد الذي يعتقد ان من شاهده هو الامام عليه السلام.
والامر الحدسي لا يكون فيه الخبر حجة فهو اجتهاد ونظر خاص ورأي شخصي قد يكون مطابقا للواقع وقد لا يكون.
والمقام نظير اعتقاد الصدوق بصحة روايات الفقيه او اعتقاد المحدث امير حسين والمجلسي (ره) بان كتاب الفقه الرضوي بخط الامام عليه السلام.
فقد قال غواص بحار الانوار رحمه الله في بحاره:
وكتاب فقه الرضا ( عليه السلام ) أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير
حسين طاب ثراه بعد ما ورد إصفهان . قال : قد اتفق في بعض سني مجاورتي بيت الله
الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجين ، وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر
الرضا صلوات الله عليه وسمعت الوالد رحمه الله أنه قال : سمعت السيد يقول : كان
عليه خطه صلوات الله عليه ، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء ، وقال السيد : حصل لي العلم بتلك القرائن أنه تأليف الإمام ( عليه السلام )
بحار الانوار - ج1 - ص11.
وقد ألف المحدث النوري رحمه الله كتابا جمع فيه قصصا كثيرة عن دعاوى المشاهدة لا باس ان ننقل واحدة منها وهي:-
ما حدثني به العالم العامل، ...صاحبنا المفيد، وصديقنا السديد، الآغا عليّ رضا ابن العالم الجليل الحاج المولى محمّد النائيني رحمهما الله، عن العالم البدل الورع التقي ... المولى زين العابدين بن العالم الجليل المولى محمّد السلماسي رحمه الله تلميذ آية الله السيد ... العلامة الطباطبائي السيد محمّد مهدي المدعو ببحر العلوم أعلى الله درجته، وكان المولى المزبور من خاصته في السر والعلانية ...عن ناظر اُموره في أيام مجاورته بمكة قال: كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل والاخوة، قوي القلب في البذل والعطاء، غير مكترث بكثرة المصارف، فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال، وكثرة المؤنة، وانعدام المال، فلم يقل شيئا وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار، فيجلس في القبة المختصة به، ونأتي إليه بغليان فيشربه، ثمّ يخرج إلى قبة اُخرى تجتمع فيها تلامذته، من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه.
فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة، وأحضرت الغليان على العادة، فإذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب، وقال لي: خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان، وقام مسرعا خارجا عن الوقار والسكينة والآداب، ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الأعراب، وجلس في تلك القبة وقعد السيد عند بابها، في نهاية الذلة والمسكنة، وأشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان.
فقعدا ساعة يتحدثان، ثمّ قام فقام السيد مسرعا وفتح الباب، وقبل يده وأركبه على جمله الذي أناخه عنده، ومضى لشأنه، ورجع السيد متغير اللون وناولني براة (البراة: حلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير. شرح الشافية 2: 102.)، وقال: هذه حوالة على رجل صراف، قاعد في جبل الصفا واذهب إليه وخذ منه ما أحيل عليه.
قال: فأخذتها وأتيت بها إلى الرجل الموصوف، فلما نظر إليها قبلها وقال: عليّ بالحماميل.
فذهبت وأتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له: ريال فرانسه، يزيد كل واحد على خمسة قرانات العجم وما كانوا يقدرون على حمله، فحملوها على أكتافهم، وأتينا بها إلى الدار.
ولما كان في بعض الأيام، ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله، وممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا ولا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف، فقال: ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا وإنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان، وألطاف ولي الرحمان.
وحدثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقق الوجيه، صاحب التصانيف الرائقة، والمناقب الفائقة، الشيخ محمّد حسين الكاظمي المجاور بالغري أطال الله بقاه، عمن حدثه من الثقات عن الشخص المذكور.
جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه السلام للشيخ ميرزا حسين النوري قدس سره.
وهذه الحكاية المعنعنة (المنقولة بوسائط) خالية من ادعاء السيد بحر العلوم رحمه الله مشاهدة الامام عليه السلام وانما هو اعتقاد واستنتاج من الراوي.
ثم ورد السؤال عن المقطعين التاليين:-
لسماحة السيد هاشم الهاشمي منتقدا تفنيد السيد الحيدري لأصل حدوث المشاهدة.
الجزء الاول
https://www.youtube.com/watch?v=RsffuiyF2Dw&feature=youtube_gdata_player … Watch 
الجزء الثاني
http://www.youtube.com/watch?v=-bK6Mp5Itv8
الجواب:-
ملاحظاتنا على ذلك ما يلي:- 
الملاحظة الاولى: -تضعيف سماحة السيد الهاشمي للرواية ضعيف غايته ، اذ وثاقة ابي محمد الحسن بن أحمد الْمُكَتِّب‏ مما لا ينبغي الاشكال فيها كما سيتضح لاحقا.
الملاحظة الثانية: لا نقول باستحالة مشاهدة الامام عليه السلام ولكن دعوى المشاهدة مع الاعتقاد بانه الامام عليه السلام دعوى حدسية وراي شخصي ونظر اجتهادي لا يمكن قبوله وليس حجة لو كان له أثر أساسا.
الملاحظة الثالثة: -ما نقله عن المحقق الكبير السيد الخوئي (ره) من عدم دلالة الرواية على نفي المشاهدة المجردة عن دعوى السفارة والنيابة صحيح ونوافق عليه تماما.
والنكتة في ذلك سياق الصحيحة ظاهر في نفي إمكانية السفارة والنيابة الخاصة فالمأمور بتكذيبه مدعي النيابة والسفارة وليس مجرد المشاهدة خصوصا ان تصديق مدعي المشاهدة بلا دعوى النيابة خالية من الأثر فما هو داعي تكذيبه خصوصا ان شدة النكير على دعوى المشاهدة تناسب ما تتضمن دعوى السفارة والنيابة الخاصة.
الملاحظة الرابعة: -لم يتكلم سماحة السيد عن كيفية اثبات ان الشخص المشاهَد-اسم مفعول- هو الامام عليه السلام بمجرد اعتقاد مدعي المشاهدة او اعتقاد راوي قصة المشاهدة؟.
الملاحظة الخامسة: -الرواية الثانية التي نقلها وهي ما جاء في كتاب كمال الدين وتمام النعمة للصدوق رحمه الله ( متوفى 381هـ) نصا: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه قال : سمعته يقول : والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه .
كمال الدين وتمام النعمة ، ص 440.
استدل بها على إمكانية مشاهدة الامام عليه السلام ولكنها لا تنفع الاستدلال لصالح دعوى المشاهدة لان الناس والحجاج يرونه ولا يعرفونه.
فهي تؤكد على خصوصية خفاء العنوان للإمام عليه السلام ، فكيف عرف مدعي المشاهدة انه الامام روحي فداه؟
الملاحظة السادسة: -لم يدع سماحة السيد الحيدري انه لا يمكن مشاهدة الامام عليه السلام ، بل ادعى انه لم يلتق ولن يلتقي به احد في زمن الغيبة الكبرى ، فهناك فرق بين عدم الامكان وعدم الحدوث فان كان المقصود عدم ثبوت ذلك فهذه الدعوى لا باس بها
الملاحظة السابعة: -لا ينبغي الريب في وثاقة الراوي ابي محمد الحسن بن أحمد الْمُكَتِّب‏ فقد قال الشيخ في كتاب الغيبة: وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل.
منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رحمه الله. 
ولهذا قال الشهيد الصدر على ما في تقريرات السيد الحائري لبحثه: والذي يظهر من الشيخ الطوسي ان التوقيع من قبل الامام كان تمييزا مهما للثقات في ذلك العصر ولم يكن يصدر لأي انسان ولم يكن حال مثل هذه التوقيعات حال السؤال والجواب في عصر الائمة السابقين وكانت لا ترد الا الى الأوحدي من الشيعة الذي تناط به الآمال ويعقد عليه الرجاء في مسائل الحلال والحرام.
وقد تلخص ان دعوى اللقاء بالإمام عليه السلام ليس لها ما يدعمها او يثبتها ولكنه لا يجب الاعتقاد بها ولا بعدمها وان ما نقل من بعض دعاوى اللقاء لا تملك وسائل الاقناع الكافية ولا مما ينبغي الاهتمام به ولا شغل النفس به ، بل ربما لها بعض الاثار السلبية حيث احتج بها بعض أصحاب الضلالات كدعوى السفارة والنيابة فان كان لهذا البحث من فائدة فهو ابعاد الناس عن التصديق الساذج بدعاوى اللقاء وسد باب دعاوى السفارة في عصر الغيبة الكبرى.
والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات: