الجمعة، 18 سبتمبر 2009

اطلالة على شرعية العمل السياسي


حديث الجمعة
بتاريخ 28 شهر رمضان المبارك 1430 هـ
الموافق 18/9/2009م
المكان مسجد الجبل ببلاد القديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبن الطاهرين.
اليوم آخر جمعة من شهر رمضان
يوم اعلان الفقيه العظيم السيد الخميني قدس سره يوما عالميا للقدس من اجل إباء الظلم وانكار الباطل والتضامن مع المظلومين والمستضعفين وهذا الاعلان يمثل حلقة من سلسة متكاملة لجهاده رحمه الله واصراره على العمل على نصرة المستضعفين واعلاء كلمة الله مهما استعصت الظروف المحلية والعالمية فهذا الاصرار بالتوكل على الله سبحانه هو العامل المهم في انجازات وانتصارات هذا الرجل العظيم فرحمه الله رحمة الابرار.

اطلالة على شرعية العمل السياسي
ماذا تعني مرجعية الفقيه؟
ببساطة تعني رجوع سائر الناس الى الفقيه في الاحكام الشرعية العامة وليس الرجوع له في غير الفروع الفقهية فاصول الدين لا يقبل فيها التقليد ولا يجوز الرجوع فيها للفقهاء بل يعتمد الانسان فيها على هداية العقل فيؤمن بالله والنبي الاكرم صلى الله عليه وآله ورسالته وهكذا بقية الاصول العقائدية.
فما هي منطقة الرجوع للفقيه وما هي المنطقة الخارجة عنها؟
منطقة التقليد او محل التقليد وموقعه كما يذكر فقهاؤنا هو التالي:-
اولا- الحكم الشرعي الفرعي الكلي، مثل الحكم بان الكحول طاهر، او ان الجبن المجلوب من بلاد غير المسلمين حلال الاكل ما لم يعلم اشتماله على حرام، او ان اللحم المأخوذ من غير المسلم حرام ما لم تحرز تذكيته ونحو ذلك.
ثانيا- الموضوع الشرعي المستنبط وسيأتي تعريفه وأمثلته وكذا ما بعده.
ثالثا- الموضوع اللغوي والعرفي المستنبط على خلاف في كونه محلا للتقليد او ليس كذلك فصاحب العروة الوثقى (قده) لا يراه محلا للتقليد.
اما الموضوع غير المستنبط او الصرف فليس محلا للتقليد نهائيا بلا ريب.
ما هو الموضوع المستنبط؟
الموضوع المستنبط هو الموضوع الذي فسرته الروايات والادلة والوصول للنتيجة بحاجة لإعمال أدوات الاستنباط مثل علم الرجال ومثاله الكر.
او الموضوع اللغوي والعرفي والذي اختلف اهل اللغة في تفسيره وللوصول الى نتيجة حاسمة يقوم الفقيه اعتمادا على أدوات الاستنباط ببذل جهده واعطاء رأي حاسم وقد تدخل بشأنه بعض التعقيدات وربما للروايات دور غير مباشر في تحديد المعنى ومثاله الغناء.
كيف نعرف الموضوع المستنبط او ما هي ميزته؟
يتميز الموضوع المستنبط بتعريفه وبيان معناه من قبل الفقيه في الرسائل العملية والفتاوى.
أمثلة للموضوعات المستنبطة:-
1- الغناء فما هو الغناء المحرم هل هو الصوت المطرب او هو الصوت الشتمل على الترجيع او هو المناسب لمجالس اللهو واللعب او غير ذلك من التعاريف هذا موضوع مستنبط يفتي الفقيه بتفسيره وتحديده ويقلده فيه العامي.
2- الكر الذي لاينفعل بمجرد ملاقاة النجاسة ما هو مقداره وزنا ومساحة؟ فهذا من المواضيع المستبطة.
3- الصعيد هل هو التراب او مطلق وجه الارض هذا موضوع مستنبط أيضا فهو من موارد التقليد.
4- الكعب هل هو قبة القدم او المفصل بين الساق والقدم موضوع مستنبط يرجع فيه العامي لمرجع تقليده.
5- الوطن في احكام السفر من الموضوعات المستنبطة.
ما هو الموضوع غير المستنبط او الصرف؟
الموضوع الصرف او العادي هو الموضوع الذي لا تفسره الروايات والادلة ولا تختلف فيه كلمات اهل اللغة وبالتالي لا يفسره الفقيه ويتم ايكال أمر تعيينه وتشخيصه الى المكلف وليس من صلاحيات الفقيه ان يفتي فيه ولا ان يتبعه العامي فيه قال سيد اساتذتنا السيد الخوئي قدس سره في التنقيح في شرح العروة الوثقى تقرير الشهيد الشيخ علي الغروي (ره):
لا ينبغي التوقف في عدم جواز التقليد في الموضوعات الصرفة ، لأن تطبيق الكبريات على صغرياتها خارج عن وظائف المجتهد...
فإن التطبيقات أمور حسية والمجتهد والمقلد فيها سواء بل قد يكون العامي أعرف في التطبيقات من المجتهد فلا يجب على المقلد أن يتابع المجتهد في مثلها.
انتهى كلامه رفعت في الجنان أقدامه.
كيف نعرف الموضوع الصرف؟
عادة يطرح الموضوع الصرف في الرسائل العملية والفتاوى على شكل شرط دون شرح وتوضيح لماهية الشرط اما الفتوى المرتبطة به فتكون على شكل نتيجة.
فالمائز بين الموضوع المستنبط والموضوع الصرف في كتب الرسائل العملية والفتاوى تعريف الاول وشرحه في مقابل اهمال الثاني وتركه بدون شرح وتفسير.
هل من مثال للموضوع الصرف؟
1- قول الفقهاء لا يصح الصوم من المريض اذا كان المرض مضرا به او يخاف الضرر.
هذا المثال فيه عنصران شرط ونتيجة وبتعبير اهل المنطق مقدم وتالي فالشرط او المقدم هو المرض والنتيجة او التالي هو عدم صحة الصوم والشرط هو الذي يسميه الفقهاء بالموضوع والنتيجة هنا هي الفتوى والحكم فالتقليد انما يكون في الفتوى وليس في الموضوع.
هل للموضوع الصرف أحكام خاصة به؟
أجل أولا:- ليس محلا للحكم والفتوى فليس للفقيه ان يفتي في الموضوع بمعنى انه ليس له صلاحية بما هو فقيه ان يثبت او ينفي الموضوع فهذا خارج عن دائرة اختصاصه أجل قد يثبت او ينفي الموضوع بصفته من اهل الخبرة لو كان الموضوع يحتاج لخبرة ولكن ذلك خارج عن دائرة المرجعية فليس للفقيه ميزة على غيره في ذلك بل قد يكون غيره أعرف بالموضوع منه.
ثانيا:- بالتبع ليس محلا للتقليد أي ان العامي ليس له ان يتبع الفقيه بما هو فقيه في تشخيص الموضوع فاذا اختلف نظر العامي مع الفقيه في الموضوع الصرف فحكم العامي المقلد ان يتبع تشخيصه وتقديره وليس له ان يعتمد على تقدير الفقيه مهما علا شأنه وعلمه وان كان اعلم الفقهاء وأورع المجتهدين فالحكم هو نفسه ان يتبع الكلف تشخيص نفسه وليس تشخيص المرجع او أي شخص آخر.
ولو قال مفتي بان الموضوع الفلاني ثابت فهو حرام او واجب مثلا بالرغم من ان هذا الاسلوب لا اعرف استعماله من قبل الفقهاء لكنه لو استعمل تحتم تفسيره من ناحية الموضوع على اساس اعطاء رأيه في الموضوع لا بصفته مفتيا وانما اعتمادا على وضوح الموضوع كما لو قال لشخص: انت مريض يضر بك الصوم فلا يصح منك، فمقصوده وضوح المرض وضرره وبالتالي لو لم يوافقه المريض في الموضوع اعني اضرار المرض لزمه الصيام وترك رأي المفتي أيا كان.
اما لو قصد المفتي ( اني ارى ضرر مرضك ولا اريك الا ما أرى وعليك اتباعي في ذلك) فهو يلزم المريض اتباعه في ذلك وان اختلف معه في التشخيص فهذا يكشف عن عدم فقاهة المفتي وعدم تفريقه بين الموضوع الصرف والحكم الشرعي الكلي.
التطبيق:-
وعلى هذا الاساس اذا اعتقد العامي المريض بان الصوم يضره لم يصح منه الصوم وان كان مرجع تقليده - بالاضافة لكونه فقيها جامعا للشرائط - طبيبا ماهرا وفحص هذا المقلد وقال له ان الصوم لا يضر بك ولكن العامي المقلد بعد هذا الكلام لا زال يعتقد الضرر او يخاف منه.
هنا لو صام فصومه باطل قطعا واذا عكسنا المثال انعكس الحكم فاذا اعتقد عدم الضرر ولم يخف منه ولكن المرجع يعتقد الضرر او يخاف منه فعليه ان يتبع تشخيص نفسه لا تشخيص مرجع تقليده في المثال وبالتالي يجب عليه ان يصوم وفي الحالين المقلِد من اتباع المرجعية اما لو تخلف عن تشخيصه واتبع تشخيص مرجع تقليده المختلف معه فهو مخالف للمرجعية ومبدأ التقليد.
2- الفتوى القائلة بانه يجوز استعمال اللولب اذا لم يعلم استلزامه تلف النطفة بعد انعقادها (لن ادخل في بقية الشروط والتفاصيل المرتبطة بهذه المسألة).
هنا فتوى وموضوع صرف فالموضوع الصرف هنا هو عدم العلم بان اللولب يتلف النطفة بعد انعقادها والفتوى هي الجواز واما في حال العلم فالفتوى او الاحتياط الوجوبي بعدم الجواز.
وفي هذا المثال العامي يقلد الفقيه في الفتوى ولا يتبع رؤية الفقيه في الموضوع فهنا لو فرضنا ان الفقيه يعلم علم اليقين ان اللولب يتلف النطفة بعد انعقادها ولكن المرأة التي تقلده لا تعلم بذلك فهل يجوز لها استعمال اللولب؟
الجواب يجوز لها استعماله بفتوى نفس هذا المرجع وان كان هذا المرجع طبيبا خبيرا بمسائل الطب ووسائل تحديد النسل.
ولا يصح وصمها بانها ضد الفقيه والمرجع او تعمل بخلافه.
3- في مسائل الحج اذا اختلف ثبوت الهلال بيننا وبين قاضي الديار المقدسة هل نتبعه في ذلك تقية ويصح الوقوف والحج؟ الجواب افتى بعض الفقهاء بعدم صحة الوقوف معهم اذا علم المكلف بخطأ القاضي ومخالفة حكمه للواقع وبصحة الوقوف معهم اذا لم يعلم بالخطأ والمخالفة للواقع وهنا مسألة العلم بالمخالفة او عدم العلم بالمخالفة يتبع فيها العامي حالته هو ولا يلتفت الى حال مرجع تقليده المختلف مع حاله.
4- شروط مسائل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هي من قبيل المواضيع الصرفة مثلا يجب على المكلف ان يأمر او ينهى اذا احتمل التأثير ومع انتفاء الاحتمال يفتي المشهور بعدم الوجوب بينما السيد السيستاني مد ظله يحتاط وجوبيا باظهار الكراهة قولا او فعلا ولو مع اليقين بعدم التأثير.
في هذه المسألة كل مكلف يتبع في ذلك تقديره وتشخيصه هو وليس تقدير او تشخيص فقيهه فلو فرضنا ان الفقيه ومرجع التقليد لا يحتمل التأثير بشأن المنكر الذي تمارسه السطلة مثلا فلا أسلوب العرائض مؤثر ولا أسلوب المقاطعة لمشروع السطلة او الانتخابات التي تزمع اقامتها كل هذه الاساليب وسواها لا يحتمل ان تؤثر نهائيا فهو على يقين بانه لا فائدة من كل هذه الاساليب اطلاقا ولكن العامي يعلم بالاثر او يحتمله على اقل تقدير فالحكم هو ان يتبع العامي تقديره وتشخيصه هو وليس تقدير مرجع تقليده لان ذلك من المواضيع الصرفة وليس من المواضيع المستنبطة.
والنتيجة هي وجوب النهي عن المنكر واستعمال تلك الوسائل وغيرها عند من يراها ناجعة او يحتمل تأثيرها والوصول بها الى نتيجة.
فلو فرضنا ان مرجع التقليد بين ايدينا ويعيش في بلدنا فربما لا ينهى عن المنكر اعتقادا منه بعدم التاثير مع فرض انه يرى عدم الوجوب مع انتفاء احتمال التأثير وهو بذلك ليس مطلوبا بشيء امام الله سبحانه وتعالى ولكن مقلديه مأثومون بترك النهي عن المنكر فيما لو احتملوا التأثير بحركتهم ولم يفعلوا.
اما من يرى –فرضا- ان المشاركة تمثل الاسلوب الوحيد الناجع والمنحصر في الضغط على السلطة لتحقيق المطالب اللازمة وترك المنكرات ويحتمل تأثير المشاركة ونجاعتها ولا يتوفر أسلوب وطريق آخر فانحصرت المصلحة في ذلك فيلزمه ان يستعمل هذا الاسلوب.
ركزت على شرط واحد من اجل توضيح المثال والشرح ولست اقصد كفاية هذا الشرط عن بقية الشرائط.
ومن هنا نرى تأكيد سماحة المرجع الاعلى السيد السيستاني مد ظله على ان رؤيته للمشاركة في الانتخابات النيابية بالبحرين سنة 2006 مـ لا تتجاوز النصيحة بحسب ما وصله وما تصوره عن الموضوع فهو هنا كقارئ سياسي وليس كفقيه فقد نزع ثوب الفقاهة والمرجعية في اعطاء هذا الرأي لذلك لم يكن رأيه هنا معبرا عن الوجوب ولا الاستحباب فلبس صفة السياسي الخبير فكانت نصيحة لا تحمل وجوبا ولا استحبابا وهكذا لم يتجاوز صلاحيته كفقيه ومرجع تقليد فلم يفتِ فيما ليس محلا للفتوى وأوضح ان من بالداخل قد يكون أعرف وأدرى بالقياس لمن بالخارج مؤكدا ما ذكره سيدنا الخوئي ره وغيره من الفقهاء في أبحاثهم بان العامي قد يكون أخبر وأدرى بالموضوع من الفقيه.
وقد أخبرني بعض اهل العلم بأنه بعد ان التقى بالحجة سماحة السيد محمد رضا حفظه الله ورعاه نجل المرجع السيستاني مد ظله في النجف الاشرف عرض عليه عدم جدوائية المشاركة وما فيها من سلبيات بشكل مختصر فاجاب بان والده المعظم انما دعى للمشاركة حتى لا يهمش الشيعة وينزون عن العملية السياسية كما فعل السنة او كثير منهم في العراق فالنصيحة انطلقت من الحرص على عدم خسارة الشيعة لمصالحهم العامة وايا كان الحال فهي نصيحة مرتبطة بظرف وليست فتوى.
وهكذا ليس لمن يرى المشاركة على هذا الاساس او اساس المصلحة ان يطعن في من لا يراها وكذا ليس لمن يرى المقاطعة أسلوبا محتملا او مظنونا لردع المنكر او أساسا لانتفاء المصلحة او أساسا للمفسدة ان يطعن في من لا يشاركه نفس الرأي.
فقد يكون أخوان اثنان يقلدان مرجعا واحدا ويرى احدهما هذه الرؤية ويرى الآخر الرؤية المعاكسة فكل يعمل وفق رؤيته وهذه هي الشرعية الحقيقية في ذلك.
ولكن الفائدة الحقيقة والكبيرة المرتجاة للوطن والفاعلة انما تكون بعد تشاور القوى السياسية ودراستها للخيارات والوصول لرؤية مشتركة حول الموقف حتى تكون النتائج كبيرة وبالتلاحم الجماهيري العام وكم كنت أسعى لذلك ولست وحيدا في هذا وعرضت حالنا ووضعنا على عدد من مراجعنا الكبار فكان توجيههم واحدا وهو التشاور بين المعنيين للوصول لصالح الناس ولكن للاسف الشديد لم يجد ذلك التوجيه أذنا صاغية غير انه لم يفت الوقت ولا زال تحقيقه ممكنا أسال الله سبحانه ان يوفق الجميع لذلك انه ولي ذلك والقادر عليه وللموضوع تتمة.
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل - 90. صدق الله العلي العظيم
والحمد لله رب العالمين.

هناك 7 تعليقات:

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

علق على الموضوع في منتديات البحرين للحوار الحر العضو حالم بما يلي:
السلام والتحيّة على السيّد الفاضل

في الموضوع المستنبط عندما يقول الفقيه مثلا بأن ( الغناء حرام ) و( الوطن يجب فيه التمام ) و ( والصعيد يجب التيمّم ) ، ألا يستبطن هذا القول مسبقا تصوّر الفقيه لموضوع الغناء وموضوع الوطن وموضوع الصعيد ؟ وإلاّ كيف للفقيه بأن يحمل الحرمة أو الوجوب على موضوع هو غائب عن تصوّره ؟
فما الفرق بين تصوّر صرف الموضوع لدى الفقيه وصرف الموضوع لدى العامّي ؟

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

فاجبته بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل من الفقيه والعامي يتصور الموضوع الصرف ويكون كليا وتصور هذا الكلي عائد للوضوح اللغوي للمعنى اما مسؤولية تطبيق هذا الكلي على باء او جيم او دال فتقع على كاهل المكلف نفسه وهو تارة يكون الفقيه واخرى العامي فكل مسؤول عن تطبيقه.
اما الموضوع المستبط كالامثلة التي اشرت لها في السؤال فمسؤولية تحديد الكلي تقع على الفقيه فهو يحدد ما هو الغناء مستندا الى أدوات الاستنباط.
وفي المرحلة التالية تكون مسؤولية تحديد المصاديق على المكلف الفقيه او العامي على هذا الصوت او ذاك فتحصل ان مرحلة التطبيق يستقل فيها كل من الفقيه والعامي بقراره عن سواه بلا فرق بين الموضوع المستنبط او الموضوع الصرف والفرق في شرح وتوضيح الموضوع والذي يكون من صلاحيات الفقيه فيما اذا كان الموضوع مستنبطا.
http://forum.montadayat-bh.net/showthread.php?p=1130797

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

ثم اضاف التعليق التالي:
في مرحلة التطبيق لدى المكلّف العامّي ألا يقوم باستصحاب توصيف الموضوع كما هو عند الفقيه؟ أم أنّ موضوع الغناء مثلا يتحوّل وصفه لدى المكلّف العامّي ؟ وإذا كان الأوّل ألا يقدح ذلك في استقلاليّة قرار العامّي عن الفقيه ؟ وإذا كان الثاني فما هو مسوّغ الإلتزام بأحكام الفقيه؟

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

فاجبته:
بسم الله الرحمن الرحيم
لم افهم مقصودك جيدا ولكن لا مورد للاستصحاب هنا وكل ما في الامر ان الموضوع الصرف معناه واضح غير ان انطباقه على سين او صاد قد يحتاج لخبرة خاصة لا ترتبط بالفقاهة لذلك الموضوع الصرف ليس محلا للتقليد.
اما الموضوع المستنبط فمسؤلية شرح معناه تقع على عاتق الفقيه اما انطباقه على الجزئيات والمصاديق فمسؤلية المكلف نفسه اذن:-
تطبيق المعنى الواضح وهو الموضوع الصرف تكون من مسؤلية المكلف وكذا تطبيق المعنى الغامض غير ان الاخير يقوم الفقيه بشرح معناه وتوضيح ابعاده وحدوده.
وهكذا دائما المكلف مسؤول عن تطبيق الكلي على الجزئيات بلا فرق بين الكلي الغامض (الموضوع المستنبط) والكلي الواضح (الموضوع الصرف) مثلا الفقيه يقول ان الغناء حرام والغناء هو الصوت المشتمل على الترجيع المطرب المناسب للهو واللعب.
ولكن الصوت الفلاني هل تنطبق عليه هذه الاوصاف ام لا فهذه ليست مسؤلية الفقيه أجل الفقيه في عمل نفسه مسؤل عن هذا التطبيق اما في عمل العامي المقلد فمسؤلية ملاحظة انطباق هذه الصفات او عدم انطباقها ترجع للعامي نفسه.

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

متابعة تليقات حالم تتقدم بكلمة اقتباس ويعقبها جوابنا:-
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة حالم
توصيف الغناء لدى الفقيه بأنّه الصوت المشتمل على الترجيع ومن ثمّ تعليق الحرمة على هذا الوصف ، ألا يتكرّر نفس التوصيف لدى المكلّف العامّي في مرحلة تطبيق الصفات على أفراد الحكم ؟
الجواب
العامي لا يعطي وصفا فموضوع الحرمة في المثال يصفه ويحدده الفقيه وليس العامي فينحصر دور العامي في تطبيق ذلك الوصف او الصفات على المصداق الخارجي والفقيه ايضا يقوم بنفس الدور في عمل نفسه دعني انتقل لمثال من نوع الموضوع الصرف يفتي الفقيه بان الخمر حرام ونجس وليس من صلااحيات الفقيه ان يقول ان هذا السائل المعين خمر او ليس بخمر فاذا فرضنا ان الفقيه يراه خمرا يحرم عليه شربه ولا تصح صلاته في الثوب المتلوث به اما العامي فان كان يعتقد بانه خل او يشك في انه خل او خمر جاز له شربه وصحت صلاته في الثوب المتلوث به.
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة حالم
فإذا شخّص المكلّف العامّي الصوت الفلاني بأنّه صوت لهوي فحكم بالحرمة ، ألا تتضمّن عمليّة التشخيص هنا تطبيقا لنفس موضوع الغناء لدى الفقيه ؟
الجواب
تطبيق العنوان على المصداق الخارجي يشترك فيه الفقيه وغيره ولكن لا تبعية في ذلك فما يراه زيد خمرا يحرم عليه شربه وان لم يكن كذلك بنظر عمرو سواء كان كلاهما فقهيا او احدهما او لم يكونا كذلك.
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة حالم
وإلاّ إن كان موضوع الغناء لدى العامّي مغايرا لموضوع الفقيه - أي لم يكن الصوت اللهوي مثلا - فما هو مسوّغ الإلتزام بحكم الفقيه لدى العامّي وموضوعات الأحكام في تغيّر وتبدّل لدى الطرفين ؟
الجواب
كما بينت الموضوع المستنبط يقوم الفقيه ببيان اوصافه العامة كأن يقول بان الكر يساوي 27 شبرا مكعبا ولكن اذا اعتقد الفقيه ان الماء الواقع في الخزان المعين يبلغ 27 شبرا والعامي يعتقده اقل من ذلك فهنا لا يتبع العامي مقلده في ذلك فلو وقعت فيه نجاسة فالماء طاهر بالنسبة للفقيه ونجس بالنسبة للعامي.
وهكذا الموضوعات لاتتغير مفاهيمها بين الفقيه والمقلد وانما قد يختلفان او يتفقان في انطباق المعنى على المصداق كما في مثال الكر.

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

اضاف العضو حالم:
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة حالم
عمليّة تطبيق الحكم على المصداق الخارجي لدى المكلّف العامّي هي عمليّة تتكوّن من عمليتين - ولنأخذ مثال الغناء :

1) العمليّة الأولى : أن يعرف المكلّف العامّي حقيقة الغناء .

2) العمليّة الثانية : أن يطابق المكلّف العامّي بين هذه الحقيقة والمصداق الخارجي .



في العمليّة الأولى لا يستقلّ المكلّف العامّي عن الفقيه في حقيقة الغناء بل هو تبع لما يصفه الفقيه للغناء بأنّه ( الصوت المشتمل على ترجيع ) .
وفي العمليّة الثانية وهي عمليّة المطابقة أيضا جزء منها يعود للفقيه ، لأنّ حقيقة المطابقة هي التطابق بين وصف وموصوف ، والوصف هنا يعود للفقيه ، فتقرّر أنّ التطابق لا يستغني عن وصف الفقيه ، وإنّما ينفرد المكلّف العامّي بحيازته للموصوف ، والموصوف لوحده لايكفي للقول بحدوث المطابقة بل لابدّ من وصف يرادفه .

وهكذا يتحصّل أنّ عمليّة التطبيق لدى المكلّف العامّي على المصداق الخارجي لاتنفكّ البتّة عن تدخّل الفقيه في جميع مراحلها . ولا استقلال للمكلّف العامّي في تعيين المصداق .

السيد علوي الموسوي البلادي يقول...

فاجبته:
العضو الكريم المحترم حالم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسمح لي ان ادلي بهذا التعليق وتقبله بصدر رحب:- لا مانع عندي من النقاش والتوضيح قدر المستطاع ولا اتبرم من كثرة السؤال والاثارات ولكن على ان تكون ذات جدوى وتعبر عن اثارة حقيقية وليس تكرارا خاليا من اي نقطة حقيقية فارجو ان تمعن النظر في البحث المطروح مع التفكير الملي في النقاط المشرحة في اصل البحث وفي الاجابات اللاحقة حتى لا ندور في حلقة مفرغة وتصل الى نتيجة مفيدة وما يدعوني لقول ذلك هو ان اغلب او كل ما تطرحه من اسئلة تم الجواب عنه وتوضيحه مرارا. في مداخلتك الاخيرة تقول: عمليّة تطبيق الحكم على المصداق الخارجي لدى المكلّف العامّي هي عمليّة تتكوّن من عمليتين - ولنأخذ مثال الغناء : 1) العمليّة الأولى : أن يعرف المكلّف العامّي حقيقة الغناء . 2) العمليّة الثانية : أن يطابق المكلّف العامّي بين هذه الحقيقة والمصداق الخارجي . في العمليّة الأولى لا يستقلّ المكلّف العامّي عن الفقيه في حقيقة الغناء بل هو تبع لما يصفه الفقيه للغناء بأنّه ( الصوت المشتمل على ترجيع ) . وفي العمليّة الثانية وهي عمليّة المطابقة أيضا جزء منها يعود للفقيه ، لأنّ حقيقة المطابقة هي التطابق بين وصف وموصوف ، والوصف هنا يعود للفقيه ، فتقرّر أنّ التطابق لا يستغني عن وصف الفقيه ، وإنّما ينفرد المكلّف العامّي بحيازته للموصوف ، والموصوف لوحده لايكفي للقول بحدوث المطابقة بل لابدّ من وصف يرادفه . وهكذا يتحصّل أنّ عمليّة التطبيق لدى المكلّف العامّي على المصداق الخارجي لاتنفكّ البتّة عن تدخّل الفقيه في جميع مراحلها . ولا استقلال للمكلّف العامّي في تعيين المصداق . التعليق مختصرا:- لا يمكن ان تكون ملكيا اكثر من الملك حيث ان الفقهاء يقولون بان الموضوع الصرف ليس محلا للتقليد وان تطبيق المعنى على مصداقه ليس من موارد التقليد والرجوع للفقيه فكيف تثبت لهم ما ينفونه عن انفسهم وللتوضيح والتعليق على مداخلتك الاخيرة اقول: في العملية الثانية حينما يطبق العامي المفهوم على مصداقه الخارجي فهو لا يحتاج للفقيه نرجع لمثال الكر كيف يعرف المكلف العامي ان هذا الماء يبلغ الكر او لا يبلغه؟ الجواب يستعمل الوسائل الرياضية على الماء الحاضر عنده فيقوم بعملية وزنه او حساب مساحته فيجزم بانه يبلغ الوزن او المساحة الكذائية وجزمه هذا لا ربط له بالفقيه فهو لم يعتمد عليه نهائيا في تحديد الوزن او المساحة. وهكذا تبين ان عملية تطبيق المفهوم او المعنى على المصداق لا ربط لها بالتقليد نهائيا.