بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
فتوى غير الفقيه معصية كبيرة
من الامور التي يتم التساهل فيها
مسألة فتوى غير المجتهد فترى الناس يخوضون في الحلال والحرام والفتيا والاحكام فمن محرم ومن محلل بدون علم ولا دراية ولا اجتهاد وفقاهة وهذه الفتوى تارة تصدر من فرد وأخرى من مؤسسة دينية أو سياسية وفي كل الحالات الحكم في المسألة الشرعية واحد وهو حرمة الفتوى على غير الفقيه المجتهد في كل الاحوال بل يدخل ذلك في الذنوب الكبيرة حيث انه من القول على الله بغير علم ومن الفتوى بغير إذنه تعالى فتكون افتراءا على الله وكذبا عليه سبحانه وتعالى.ولا ينقضي عجبي من معارضة بعض الاشخاص او المؤسسات لاصدار قانون احكام الاسرة في البحرين وان كان متوافقا مع فتاوى أعلم الفقهاء والمراجع خشية ان يتغير هذا القانون مستقبلا على أيدي غير الفقهاء مثل النواب فحذرا من احتمال فتوى غير الفقيه ولو مستقبلا تتم معارضة اصدار هذا القانون ولكن في الوقت نفسه نجد هذا البعض لا يتردد في اصدار مختلف الفتاوى في الشأن العام وغيره ولعل أولى سلبيات العمل المؤسسي لاهل العلم هو صدور مثل هذا الخطأ الفادح واذا اعترض شخص ما فلن يؤثر على قرار الجماعة قرار المؤسسة فيكون رأيه غير قادح في الاجماع!.
وهذه غفلة كبرى يجب على المؤمنين الاعزاء ان ينتبهوا لها فمحذور الفتوى الفعلية أكبر من محذور احتمال وقوع الفتوى مستقبلا.
فالسؤال هل يجوز لغير الفقيه ان يفتي؟
وجوابه:
لا يجوز لغير الفقيه ان يفتي سواء بقصد ان يعمل غيره بالفتوى او بدون هذا القصد.
قال المرجع الاعلى السيد السيستاني مد ظله في منهاج الصالحين:
مسألة 21 : يحرم الافتاء على غير المجتهد مطلقا.
اقول: المقصود من قوله مطلقا ما يشمل الفتوى بغرض ان يعمل بها الغير او بغير هذا الغرض كأن يقول هذا حلال او حرام في مقام الجدال وليس من اجل ان يعمل الناس بفتواه كما يشمل الفتوى المطابقة للواقع والمخالفة له.
وحرمة الفتوى على غير المجتهد من واضحات الشريعة دلت عليها النصوص الدينية الكثيرة نختار منها:-
1- قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
سورة الاعراف-33.
فالاية الكريمة نص صريح في تحريم القول على الله بغير علم ففتوى غير المجتهد قول على الله بغير علم.
2- قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ.
سورة يونس (59).
والاية الكريمة واضحة الدلالة ساطعة المقالة في تحريم الفتوى بدون الاذن من الله سبحانه وتعالى ومن لم يأذن له الله سبحانه بالفتوى فهو مفتر وكاذب على الله سبحانه ولا ريب ان ذلك من الذنوب الكبيرة.
3- صحيح أبي عبيدة قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه .
وسائل الشيعة ج 27- ص20.
قال سيد الفقهاء والمجتهدين المرحوم السيد الخوئي قدس سره في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى تقرير المرحوم الشيخ علي الغروي قدس سره ج1 ص 349:
أما من ليست له ملكة الاجتهاد ولكنه يفتي الناس بالقياس والاستحسان ونحوهما فلا ينبغي التردد في أن افتائه حرام ، لأنه اسناد للحكم إلى الله سبحانه من غير حجة ودليل ، حيث إنه لم يأذن له بذلك فلا محالة يكون افتائه افتراء على الله لأنه عز من قائل قد حصر الأمر في شيئين : ما أذن به ، وما هو افتراء . وقال : ( آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) هذا مضافا إلى الروايات المصرحة بحرمته وهي من الكثرة بمكان عقد لها بابا في الوسائل وأسماه باب عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم بورود الحكم من المعصومين - ع - بل لو قال مثله : إن نظري كذا أو فتواي هكذا ارتكب معصية ثانية لكذبه ، فإن مفروضنا أنه لا نظر ولا رأي له وبذلك يندرج فيمن قضى - ولو بالحق - وهو لا يعلم.
انتهى كلامه رفع في الجنان مقامه.
فهل ينتبه المؤمنون الى خطورة فتوى غير المجتهد ومسؤليتها العظيمة ويتجنبوها ويتجنبوا مخاطرها ومحاذيرها قبل وقوع الكوارثة الدينية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق