السبت، 12 سبتمبر 2009

حوارية تعين تقليد الاعلم الحلقة الثالثة


بسم الله الحمن الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلق محمد وآله الطاهرين.
حوارية تعين تقليد الاعلم الحلقة الثالثة


بقيت بعض الاسئلة التي لا ارهاها جوهرية وانما تعبر عن عدم القراءة المتأنية للحلقتين الاولى والثانية باستثناء السؤال المرتبط بالرواية المنسوبة للعسكري ع ومع ذلك اجبنا عن تلك الاسئلة بشكل مقتضب وركزنا الجواب المفصل على السؤال المتعلق بالرواية فالى تكلمة الحوار:-
السائل:- لم يوضح لنا سماحة السيد كيف ان الرجوع الى الاعلم هي بديهة من بدهيات الفقه مع ان فتاوى الاعلم ظنية وبمقضى اطلاق ادلة النهي عن اتباع الظن شمول فتاوى الاعلم بهذا النهي.
الجواب:-
بالرغم من ان فتوى الاعلم لا تفيد اليقين فهي حجة ولا خلاف في حجية فتواه فالمقصود بداهة حجية فتوى الاعلم وليس كونها قطعية في مفادها وهكذا تكون فتواه حجة بالرغم من ظنيتها كما هو الحال بالنسبة للظهور وخبر الثقة وشهادة العادلين ونحوها من قضايا ظنية لكن حجيتها قطعية او ثابتة بدليل معتبر.
السائل: لا وجه لاتباع الاعلم مع كون فتاوى الاعلم غير موافقة للاحتياط وفتاوى غير الاعلم موافقة للاحتياط لان في الاحتياط احراز الحكم الشرعي اي اليقين ويكون تقليد غير الاعلم فيما يوافق الاحتياط على القاعدة بينما تقليد الاعلم فيما لا يوافق الاحتياط هو خلاف القاعدة.
الجواب:-
فتوى الاعلم حجة حتى مع مخالفتها لفتوى غير الاعلم لكننا لم نقل بان العمل بالاحتياط غير جائز فكلامنا حول نقطة تقليد الاعلم والنقطة التي ذكرتها هي في الحقيقة عمل بالاحتياط ولا اشكال فيه فالنقطة التي تثيرهها ترتبط بمسألة جزئية ولا تتصور بالنسبة لعموم الفتاوى وتقليد الفقيه في عموم فتاواه.

السائل:- بالنسبة الى تفسير آيات النهي عن الظن انا قرأت بعض التفسيرات الاخرى للايات وهي باختصار ان المقصود بالظن هنا هو الاتباع الاعمى لا بمعنى الظن المنطقي مما يدخلنا في نقاش ايضا حول بدهية قاعدة اليقين والنتيجة ايضا هي عدم بدهية تقليد الاعلم.
الجواب:-
ببساطة الظن لا يحتاج لتفسير فمعناه اللغوي واضح جدا فالاحتمال الراجح ما لم يكن يقينا فهو ظن وليس هناك ادنى قرينة على صرف اللفظ عن ظاهره والا سقطت حجية الظهور وتبعا لذلك سقطت كل الاستدلالات المعتمدة على النصوص الدينية من الكتاب والسنة الا ما ندر لكون غالبيتها لا تتجاوز الظهور وقابلة للتاويل والحمل على خلاف الظاهر.
على ان النهي عن اتباع الظن ليس مقتصرا على لفظ الظن فقوله تعالى:
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) الاسراء.
نص آخر في نفي حجية الظن على انه ان كان ممكنا حمل بعض الايات على بعض الظن المتمثل في الاتباع الاعمى كما وصفت فليس هذا ممكنا بالنسبة لكل الايات القرآنية الناهية عن اتباع الظن ثم قل لي بربك أليس اتباع الغير بدون دليل هو اتباع اعمى؟
فما لم يقم الدليل القطعي على جوازه فهو اتباع للظن واتباع أعمى غير مبرر فالعقلاء لا يقبلون باتباع اهل الاختصاص في حال اختلافهم بدون ان يجدوا مبررا يصلح لترجيع قول احدهم كالاعلمية والا فاتباع احدهم بدون ذلك ترجيح اعتباطي وتبعية عمياء.
السائل:- من علمائنا الاخبارية من رفض اصلا فكرة التقليد بالمجمل ومنهم من قال بانسداد العلم والظن الشرعي فكيف يكون تقليد الاعلم بدهي مع وجود هذه الفئة من العلماء
فارجو من السيد حفظه الله التوضيح اكثر
الجواب:-
من اشرت لهم من الاخباريين يرفضون التقليد اسما ويقبلون بها واقعا فهم يرفضون الاسم ولكنهم ياخذون بنفس الفكرة فالعامي يرجع للفقيه ولكن بمسمى آخر وهو ان الفقيه راوي وناقل لقول الامام في حين ان الفقيه الاخباري كالاصولي يرجح هذه الرواية على تلك ويجري الاصول العملية ويبذل جهده في الوصول للرأي حول المسألة الفقهية ويعطي في النهاية رأيه ويتبعه العامي وهذه هي فكرة التقليد فالنزاع لفظي ولا واقع له.
اما انسداد باب العلم فلا يلغي حجية فتوى الاعلم حتى عند الاخباري اذ لا يقول بتعين الاحتياط وكما بينا في اصل الحوارية وهنا ايضا بان حجيية فتوى الاعلم لا تعني انها مفيدة للعلم واليقين فهذا ظن مستثنى يقينا باتفاق العلماء والعقلاء طرا في رجوع غير اهل الاختصاص لهم ومع اختلافهم يرجعون للاعلم.
السائل:- الاعلمية في الخارج غير متشخصة باعتقادي وكل ما يقال عن هذا المرجع او ذاك اشبه بالظنون وتوضيح ذلك:

ان من يشهد لفلان من المراجع بالاعلمية لا بد له من الاطلاع على جميع ابحاث المراجع وصناعتهم والا كيف يشهد لفلان انه اعلم مع انه لم يطلع على شطر كبير من ابحاث وصناعة المراجع الاخرين ؟!! والاطلاع على جميع ابحاث من يطرحون انفسهم للمرجعية اعتقد بانه شبه متعذر والواقع يؤيد ذلك فكثير من المراجع ليس لهم بحوث مكتوبة.
الجواب:-
بالنسبة لموضوع تشخيص الاعلمية فالجواب باختصار في نقطتين:-
احداهما- ان شهادة اهل الخبرة مثلها مثل الفتوى لا تفيد العلم ولكنها حجة بالاتفاق نتيجة اعتماد العقلاء عليها دون ردع من الشارع فيكون سنة تقريرية تماما كما هو الحال بالنسبة لفتوى الاعلم.
والاخرى- اما ما هو مستند الشهادة بالاعلمية فهذا أمر يخص الشاهد ولا يجوز له ان يشهد اعتباطا وفي حال تحير العامي فله ان يتخير بين من تدور بينهم شبهة الاعلمية فيقلد واحدا منهم والله العالم
السائل:-
الرواية التي دعت لتلقيد الفقهاء لم تذكر شرط الأعلمية و هي هذه الرواية ( «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه» و الشروط التي ذكرتها هي فقط أن يكون من الفقهاء ( و من للتبعيض يعني أي فقيه تنطبق عليه الشروط التالية و هي ) : صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه و هذه الشروط يمكن تلخيصها في العدالة و أن يكون شيعيا و هذا يعني أن يكون من الفقهاء و أن يكون مطيعا لمولاه يعني شيعيا و صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه يعني عادلا فأين شرط الأعلمية ؟ قد يقال أن العقل يقول بتقليد الأعلم عند الاختلاف و لكن يرد على ذلك بأن العقل لا محل له في ظل تشخيص الرواية لصفات الفقيه فما رأيكم؟
الجواب:-
الرواية المنسوبة للعسكري ع فالجواب انها لا تنهض لا من حيث السند ولا من حيث الدلالة اما من ناحية الدلالة فالرواية ليست بصدد بيان شروط مرجع التقليد لما يلي:-
أولا:- لو كان الحديث في مقام شرح شروط مرجع التقليد لانتقض بالحرية والبلوغ والرجولة والحياة والايمان وطهارة المولد والضبط بالمقدار المتعارف وبالتالي يصح نفي كل هذه الشروط بحجة انها غير مذكورة في الرواية.
فالحق ان الرواية ليست بصدد تبيان شروط مرجع التقليد لذلك لا تكون دليلا على نفي أي شرط غير مذكور في الرواية
وهكذا فالرواية ليست في مقام سرد وتعداد شروط المرجعية حتى يستفاد منها ان ما لم يذكر فيها ليس من الشروط.
بل الرواية بصدد التأكيد على شرط العدالة في الفقيه ولكن هل يشترط فيه شيء آخر ام لا فهذا لا تتحدث الرواية عنه سلبا ولا ايجابا وهكذا الرواية تؤكد على شرطية العدالة وما ذكر فيها ليس سوى العدالة فليس فيها تعداد للصفات كل ما فيها العدالة ولكنها ساكتة عن بقية الشروط،.
ثانيا:- الرواية بصدد بيان الفرق بين عوام اليهود في تقليد علمائهم وبين عوامنا في تقليد علمائهم وان عوامهم برغم علمهم بانحراف علمائهم وكذبهم واكلهم الحرام وتغيير الاحكام برغم علمهم بذلك كله عن علمائهم يقلدونهم وان عوام الشيعة يكونون كذلك فيما لو قلدوا العالم المنحرف لذا عليهم ان يتحروا استقامته وعدالته وهكذا فليس في الرواية ما يشير من قريب أو من بعيد لتعداد شروط مرجع التقليد فهي في مقام بيان الفارق بين مقلدي علماء اليهود ومقلدي علمائنا وان على الأخيرين إتباع العالم الورع دون غيره.
لاحظ معي نص الرواية بحسب نقل الحر العاملي في وسائل الشيعة:
أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في ( الاحتجاج ) عن أبي محمد العسكري ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ) قال : هذه لقوم من اليهود ـ إلى أن قال : ـ وقال رجل للصادق ( عليه السلام ) : إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب ، إلا بما يسمعونه من علمائهم ، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا ، يقلدون علماءهم ـ إلى أن قال : ـ فقال ( عليه السلام ) : بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة ، وتسوية من جهة ، أما من حيث الاستواء ، فإن الله ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم ، كما ذم عوامهم ، وأما من حيث افترقوا ، فإنّ عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح ، وأكل الحرام ، والرشاء ، وتغيير الأحكام ، واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق ، لا يجوز أن يصدق على الله ، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ، فلذلك ذمهم ، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر ، والعصبية الشديدة ، والتكالب على الدنيا وحرامها ، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم ، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لامر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم ،... الحديث .
وأورده العسكري ( عليه السلام ) في تفسيره
وسائل الشيعة ج 27، ص131.
ومن ناحية السند الرواية ضعيفة لعدم ثبوت التفسير المنسوب للامام العسكري عليه السلام له فليس له طريق معتبر
اما بالنسبة لما ذكرته من تعارض الشهادات فالجواب هو ما ذكرناه من التخيير بين الواقعين في شبهة الاعلمية
والله العالم.

ليست هناك تعليقات: