تنويه هذه السلسلة نشرت سابقا في منتدى الغدير وبعد ذلك على الموقع الخاص واخيرا على هذه المدونة فالى الحلقة الاولى
:-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد واله الطاهرين .
منذ ان ينشأ الانسان تبدأ معه رحلة المعرفة بالاضافة لمخزون المعرفة الفطرية - سواء فرضناها معرفة حية (بالفعل) اونواة معرفة (بالقوة) وهذا لا يرتبط بصلب موضوعنا هنا - من خلال مشاهداته واحساسته يكتسب معرفته من ما يصطلح عليه والداه ومجتمعه ومحيطه ثم يترقى لدراسة آليات المعرفة ومنطق العقل ليميز على اساسه ما ينبغي قبوله عن ما لا ينبغي قبوله.
فيتكون للانسان ميزان او "فلتر" به يتم تنقية الافكار والمفاهيم وتتعدد الموازين والمقاييس في نسيج معقد ويتسرب الى هذا النسيج شوائب وقواعد غير صحيحة لتنتج قناعات غير صحيحة فمن تلك الاسس الخاطئة في توليد القناعات الخاطئة منهجيا أساس الموروث والعادات والتقاليد والرأي العام ولكن صحتها من ناحية مطابقتها للواقع او عدم صحتها أمر ممكن.
والخطأ الذي يقع فيه اصحاب هذه المقاييس هو خطأ منهجي بمعنى الاعتماد على هذا المقياس كفاروق بين الحق والباطل بينما هذا المنهج تارة يصيب الحق الواقعي واخرى يخطأه وفي ظني ان كما هائلا من الاختلافات بين بني البشر هي من هذا الطراز وكما يقول سبحانه وتعالى "واكثرهم للحق كارهون"70 المؤمنون وقوله تعالى " وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا"36 يونس
والسؤال الجدير بالطرح هو ما هو المقصود بالظن هنا؟
هل هو الظن بما هو قناعة ناقصة؟ او ان الظن هنا له معنى اوسع بحيث يشمل القناعة الناقصة ويشمل القناعة الكاملة الناتجة عن أسس غير موضوعية أو منحازة؟
اذن نجد هنا معنيين للظن ولنسم المعنى الاول الظن المنطقي والمعنى الثاني الظن النسبي فالظن في الاية الكريمة اذا كان بمعنى الظن النسبي كما نسميه فهو يشمل حالات اعتماد المقاييس الباطلة وان انتجت القناعة الكاملة حيث ان كثيرا من المخطئين في افكارهم، تجدهم على يقين واعقاد جازم وسبب الخطأ منهجي لذا تسمية اعتقادهم الخاطئ بالظن مبرر، بلحاظ اسلوب الوصول للنتيجة بنظر منطقي وموضوعي قناعتهم واعتقادهم لا تتجاوز الظن في افضل الحالات اما اشباعها بالعنديات لتتحول الى يقين فهذا لا يعطي الحق في تسميته يقينا وقطعا من وجهة نظر عقلائية اذن الاعتقاد اذا نظرنا له من ناحية نفسية وكحالة يتصف بها المعتقد بوصفها لا يختلجها الشك عند صاحبها يمكن ان نسميها يقينا ولكن هذه الصفة النفسية لا يمكن ان نسميها يقينا بلحاظ المقياس المنطقي العقلائي فاذا قبلنا التفرقة بين النظرتين واعتمدنا النظرة الموضوعية والمنطقية كاساس للتعامل صح لنا ان نصنف كثيرا من الافكار الخاطئة في خانة الظن اي مقيسا الى المنطق السليم هو ظن وان كان يقينا بصفته حالة نفسية عند صاحبها وبالتالي عدم صحة الاعتماد عليها واذا كان الظن في الاية الكريمة بمعنى الظن المنطقي،
فيكون المقصود شجب الحالة الشائعة عند كثير من الناس حيث يعتمدون على الظن ويتعايشون معه ويرتبون الاثار عليه دون ان يصل بهم الظن الى اليقين حتى بصفته النفسية وربما يتطور هذا التعايش الى تحول هذا الظن الى يقين بسبب الالفة والحالة النفسية وهذا يعتبر منهجا خاطئا آخر من مناهج التفكير التي تعتمد على اسس غير صحيحة.
وقد يكون هذا هوالمقصود من قوله تعالى: (كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون)59 الروم.
والله العالم.
بمعنى ان من لا يواصل بحثه حتى يصل الى القناعة الكاملة ولا ينشد العلم وانما يكتفي ببعض الامور ليعتمد نتيجة الظن ماذا يحدث له كقانون نفسي؟.
يتمكن الظن منه فيطبع الله على قلبه اي هذا الظن يحجبه عن نور المعرفة الكاملة،
فيستعيض عنها بان ينمي ظنه ذاتيا ويغذي ظنه بعندياته ويوحي لنفسه بان هذا هو الحق فيتحول الى يقين.
عندئذ ينغلق الطريق امام الحقيقة الى قلبه ثم يصل الامر الى مرحلة العمل فيعمل على اساس هذا اليقين الذاتي بالرغم من كذب هذا الظن النسبي الذي هو علم عنده فقد يكون مخالفا للواقع فتسير على هذا كل اعماله في الاتجاه الخطأ في حين يعتقد انه على صواب (قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) كهف103 و104.
وعلى هذا التقدير تكون الادانة على الاعتقاد الخاطئ او العمل الناتج عنه مبررة بلحاظ القدرة على تلافيه بتلافي مقدماته والتي هي الاعتماد على الظن والاكتفاء به حتى يتطور ذاتيا ليصل الى اليقين.
ويحتمل ان هذا معنى الاية الكريمة وتسمية هذا اليقين النفسي ظنا برغم كونه يقينا منطقيا وحسبانا لعله للنكتة التي اشرنا اليها وهي ان هذا اليقين في حقيقته ظن بالقياس الى المعطيات الواقعية والعقلائية والا فالكثير من اصحاب الاعتقادات الباطلة لا يظنون انما يعتقدون اعتقادا جازما بصحة ما هم عليه وعلى هذا يصح ان نقول عنهم انهم يحسبون ويظنون وهو تعبير ليس بعيدا عن الذوق العرفي وانما طرحت هذا على مستوى الاحتمال دون الجزم والله العالم .
----------------
ثم علق الكاتب سعيد الخويلدي على الموضوع بما يلي:
سيدنا العلوي،موضوعك جميل، وسوف استثمره -بعد إذنك طبعا- في طرح ما يدرسه جماعتنا في منهج الأخلاق في ما يتعلق بموضوع العقل.
قبل ذلك عندي ملاحظة: رجحت أن الظن في الآية يشمل القناعة الناقصة والقناعة الكاملة الناتجة عن اسس غير موضوعية او منحازة، وملاحظتي هي أن هذا الترجيح خلاف الظاهر من الآية الكريمة، فإن القرآن الكريم جاء يخاطب الناس بأسلوبهم، والظن أما أن يعني مرتبة أقل من العلم أو اليقين، وإما أن يعني ما يشملها بدون تفريق في منشئه، هذا ما وجدته من خلال المراجعة على عجل في الموضوع.
نعم، إن لم تخني الذاكرة، فإني أذكر طرحا من هذا القبيل في علم الكلام.
ولكن نسبته للآية الشريفة تحتاج إلى دليل.
ولعل عندك الدليل القرآني الذي يلزمك أو يصحح لك هذا الاحتمال، لأنني لا أعتقد أن الظن استخدم في التعاملات العرفية في عصر النص بالمعنى الذي تفضلت به.
طبعا القرآن قد يكون له استعمالاته الخاصة أو مصطلحاته الخاصة، ولكنه يفسر بعضه بعضا، أو لا أقل تفسره السنة الشريفة.ولكن خالص تحيتي
.-----------------------
ثم اضاف:-
أحببت أن أورد محتوى دروس منهج الأخلاق في تعقيب جديد مع رجائي معرفة تعليقاتكم:
تربية العقل
أنواع العقل يروى عن الإمام علي عليه السلام: (العلم علمان: علم مطبوع وعلم مسموع).هناك نوعان للعلم:1. العلم المسموع: وهو العلم المكتسب بالتعلم والتلقين، ويكون فيه المتعلم آخذاً بمثابة المخزن الذي توضع فيه المعلومات.2. العلم المطبوع: وهو العلم الذي ينبع من طبيعة الإنسان وعقله وإبداعه لا عن طريق الأخذ من الآخرين، يعني هو قوة الابتكار والإبداع الذاتي عند الشخص، وهذا العلم راجع إلى استعمال العقل استعمالا في محله.سبب ندرة العلم المطبوع عند الناسيرجع ذلك إلى سوء التربية والتعليم لا عدم امتلاك الأفراد القابلية على الفهم.
فمن الضروري إيجاد نضج فكري في الأشخاص والمجتمع لتقوية قدراتهم على الفهم والتحليل.
ومن الضروري أن يلتفت كل شخص إلى نفسه لينمي قدراته العقلية، ويقوم بتربية عقله، كما يهتم بتنمية جسمه وروحه.
خطاب الإمام الكاظم عليه السلام لهشام بن الحكمفي باب (العقل والجهل) من كتاب البحار هناك رواية نقلها هشام بن الحكم المتكلم المشهور عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام مخاطبا هشاما. يستند الإمام عليه السلام على قوله تعالى في سورة الزمر{فَبَشِّرْ عِبَاد * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: الآيتان 17-18) وسوف نستشهد بفقرات من هذه الرواية الشريفة في ما يأتي بإذن الله تعالى.
الأمور التي يجب أن يُربّى عليها العقل1. وزن ونقد الكلام هل يجب تصديق ما نسمعه مباشرة أم يجب أن نرفضه مباشرة؟ لاهذا ولا ذاك، بل يجب أن ننقده بمعنى أن نستمع الكلام مهما كان مصدره، ثم ننقده ونزنه، فننتخب الأحسن منه ونتبع الأحسن، فإن الله تعالى يخبر عن الأشخاص الذين يفعلون ذلك بأنهم{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ} أي ألهمهم الاستفادة من قوة العقل.يقال انتقد الدرهم أي أظهر عيوبه ومحاسنه. قال الإمام عليه السلام لهشام: يا هشام إن الله تعالى بشّر أهل العقل والفهم فقال: {فَبَشِّرْ عِبَاد * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}.يظهر من الآية والحديث أن أبرز صفات العقل الإنساني هو التميز والفرز، فرز الكلام الصادق عن الكلام الكاذب، والضعيف عن القوي، أي أن العقل يقوم بغربلة الكلام.يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (كفى بالمرء جهلاً أن يحدث بكل ما سمع). توجد عند البعض خاصية المسجل، يمتلئون بكل ما يسمعون، وبعد ذلك يكررونه في محل آخر دون أن يشخصوا أن ما سمعوه كان صحيحا أو خاطئا.يقول الإمام علي عليه السلام: (خذ الحكمة ممن أتاك بها، وانظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال). أي أن من الضروري أن نلتفت إلى نفس القول لا إلى الشخص القائل.2. الاهتمام بالمستقبلوهو ما يسمى بتدبر العاقبة، أي البحث في نتيجة العمل، وإمعان النظر في النتائج.ينقل صاحب كتاب قصص الأبرار قصة، وهي أنه جاء شخص إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال يا رسول الله: عظني.فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: وهل ستفعل ما أقوله لك حقاً؟فقال: أجل. فكرر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سؤاله ثلاثا، والرجل يجيب بأجل.ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له: إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته.3. تحرير العقل من تقاليد المجتمعمن أسس تربية العقل تحريره من أن تتحكم به إيحاءات المجتمع والمحيط والعرف وتقاليده، أو ما يصطلح عليه بنفوذ السنن وعادات المجتمع.يقول الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام: ثم ذم الله الذين لا يعقلون فقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} (البقرة:170).فيا ترى ما هدف القرآن من هذا الذم؟نعم. إنه تربية العقل، فهو يريد تنبيه الناس إلى المعيار والمقياس وهو تشخيص العقل والتفكير المستقل لا مجرد فعل الآباء.الإمام الصادق والتابع للتقاليد:دخل الإمام الصادق عليه السلام بيت أحد تلاميذه وكان ميسور الحال وبيته صغيراً جداً. فقال له الإمام عليه السلام: لماذا تسكن في هذا البيت؟ من سعادة المرء سعة داره.فقال يا ابن رسول الله: إن هذا بيت آبائي وأجدادي، فلا أريد مفارقته.فقال له الإمام عليه السلام: لو كان أبوك جاهلاً فهل عليك أن تقيد نفسك بجهل أبيك؟ اذهب وهيئ لنفسك بيتا أفضل.ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن تذكر هنا هي أن نحاكم الفكرة بغض النظر عن مصدرها، اتباعا للإمام علي عليه السلام الذي يقول: (انظر إلى ما قيل لا إلى من قال). ومعنى ذلك ألا تبهرنا شخصية المتكلم وقدسيته عن النظر في كلامه.4. عدم اتباع الأكثريةثم ذكر الإمام الكاظم موضوعاً آخر فقال: (ثم ذم الله الكثرة فقال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (الأنعام:116).أي التحرر من حكومة العدد، وإنه ينبغي ألا تكون الأكثرية هي الملاك. والقرآن الكريم رفض مبدأ الأكثرية. والدليل على خطأ مبدأ "صحة الأكثرية" هو أن أكثر الناس تتبع الظن والحدس لا العقل والعلم واليقين. فيجب على المرء أن يشخص الطريق وتشخيص الطريق لا يرتبط بكثرة سالكيه.عن الإمام علي عليه السلام: لا تستوحشوا في طريق الحق لقلة سالكيه.5.عدم التأثر بجكم الآخرينوهي أن حكم الناس على الإنسان لا يكون هو الملاك بل يكون ملاك ذلك العقل. فمثلاً لو اختار الإنسان ثوباً معتقداً أنه قد اختار لوناً جميلاً ، ثم يأتي آخر ويقول له. ما هذا اللون المضحك الذي اخترته لنفسك ، وكذلك ثان وثالث فإنه سيعتقد بالتدريج أنه اختار ثوباً غير مناسب.فليس من الصحيح أن يتأثر الإنسان فيما يتعلق بشؤونه الخاصة بأحكام الآخرين.ويعلمنا الإمام موسى بن جعفر (ع) مخاطباً هشام فيقول لا ترتب أثراً على حكم الناس.فيا لها من دعوة لاستقلال العقل والنقل والتفكير ، ثم قال (ع) : لو كان في يدك جوزة ، وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة.وهناك نقطة أخرى هنا وهي تجنب تقديس الأشخاص والتجرد حين الحكم على أقوالهم وأفعالهم من دون الانبهار بعظمة شخصياتهم.6.الروح العلمية وتجنب تأثير الأهواءتعني : أن العلم أساساً ينبثق من غريزة حب الاستطلاع وأن تعرف الأشياء على ما هي عليه ويدركها ويتطلب هذا أن يكون الإنسان ذاته حيادياً اتجاه الحقائق.فأحياناً يؤمن الإنسان بقضية فيريد أن تكون نتيجة بحثه مؤيدة لها وهذا بحد ذاته منشأ للضلالة.إن من الأمور التي قد تسبب انحراف التفكير اتباع الرغبات والميول النفسية، فقد ينجر الإنسان لتصحيح فكرة معينة لأنها تناسب ميوله وشهوته لا غير. "ولهذا يعتبر القرآن هوى النفس كالظن أحد عوامل الزلل –أي زلل الفكر-، يقول في سورة النجم: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس)."والروح العلمية هي روح طلب الحقيقة، إنها روح غير متعصبة خالية من الجمود والغرور.
----------------
فاجابه السيد علوي بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم اخي الكريم سعيد الخويلدي اشكرك على مداخلتك الجميلة في موضوعي بودي ان اوضح
اولا- ان ماطرحته من معنى للظن كان على اساس احد احتمالين ولم ارجحه انما طرحته للدراسة ولاستفيد من مشاركات الاخوة الافاضل لاشباع الموضوع نضجا.
ثانيا ما يمكن ان اذكره لدعم احتمال شمول الظن لحالات اليقين المنحاز وغير الموضوعي عدة نقاط:-
نذكر منها 1 - قوله تعالى( قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) كهف103 و104)
اطلق عليهم يحسبون مع ان غالب اصحاب الضلالات يقولون بان ما عندهم يقين.
بل لو كان ما عندهم ظن حسب تصورهم لبحثوا واعادوا النظر حتى يصلوا الى اليقين.
نعم يوجد مجموعة تعتمد الظن للعمل لكنها تنتهي الى اليقين الذاتي بعد التعايش النفسي الطويل معه،
وحينئذ اطلاق الحسبان على ما عند اصحاب الضلالات اما ان تفرض انها تخص الظنون وحينئذ تحمل على الفرد النادر واما ان تفرض شمولها لليقين النفسي وهذا يعزز الفرضية التي ذكرناها.2 - الذم المطلق والمؤكد للكافرين في القران الكريم والسنة الشريفة مع ان الكثير منهم يعتقدون اعتقادا جازما بما هم عليه لا يريبهم الشك فيما هم فيه 3 - المدح المطلق والمؤكد للايمان والمؤمنين فاذا كان اليقين مهما كان مصدره وان كان منحازا امرا مقبولا فلماذا الذم لغير المؤمنين والمدح للمؤمنيين هذا قد يكون مؤشرا على ان الذم قائم على اساس الانحراف في المنهج الذي اعتمد عليه الكفار 4 - العقلاء يطلقون على اليقين النفسي عند المنحرف منهجيا والمبالغ في قناعاته يطلقون على يقينه واعتقاداته اسم ظنون وحسبان وهذا امر عرفي جدا فيسمونها وساوس واوهام ونحو ذلك هذه أربعة مؤشرات لتعزيز احتمال تعميم اطلاق الظن لحالات اليقين النفسي المنحاز من دون الجزم منا بذلك مع رجائي في استماع وجهات انظار الاخوة الافاضل بغية الوصول لمستوى اعمق لهذا البحث والحمد لله رب العالمين
-------------------------
فعلق على ذلك بقوله:
رغم أنني لم أقتنع بالمسوغات الأربعة التي تفضلت بها سيدنا الفاضل، ولكن أعجبني جدا حرصك على البحث وملاحقة المعرفة، فهنيئا لك وهنيئيا لنا بمثلك. وماذا يهم اختلافنا في وجهات النظر حول نقطة معينة طالما السبيل متحدة؟
أرجو أن تواصل بحثك الكريم، ولك التحية
. ---------------------
فاجبه السيد علوي بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اخي الفاضل الكريم سعيد الخويلدي بعد السلام عليكم والشكر لمتابعتكم الموضوع بودي ان تشاركني وهكذا الاخرون في تسجيل ملاحظاتك العلمية على ما اطرح قبل ان انزل الحلقة الثانية من الموضوع اما التعبير بعدم الاقتناع لا يشبع البحث ولا يفيده لذا اتمنى ان تسجل ما تراه من اشكالات لنرقى بالبحث الى مستوى افضل مع الشكر والامتنان
-------------
فقال:
تخجلني أخي السيد الفاضل بإلحاحك على معرفة رأيي، سوف أذكره لك مختصرا قدر الإمكان، وأذكر لك ما عنيته بأن الاختلاف في وجهات النظر لا يكون عائقا عن مواصلة الموضوع الشيق:ما تفضلت به لدعم الاحتمال في معنى الظن عندي عليه بعض الملاحظات أرجو أن تأذن لي في طرحها:1. كلامنا في الظن وليس في الحسبان، ولا يخفى أن بينهما فرقا وإن كانا في بعض الأحيان يردان لمعنى متقارب.
فلا أعتقد أن الاستشهاد بالآية في محله تماما.2. الذم للكافرين لكفرهم ومخالفتهم للحقيقة الواضحة، خصوصا أن الكثير من الكافرين يؤمنون بوجود الله تعالى ومع ذلك يشركون به، أو أن بعضهم يتبين لهم الحق ويجحدونه.
على كل حال هذا ليس في نظري شاهدا على أن ما يعتقده الكافرون يسمى ظنا. لماذا لا يسمى يقينا، وإن كان هذا اليقين مخالفا للواقع، وفي الأصول هناك بحث قطع القطاع وهو وإن كان مقصرا ولكنه لا يملك إلا أن يعمل بقطعه لكونه يعتقد أن ما قطع به هو الواقع.3. المدح للمؤمنين أيضا لإيمانهم، لا للطريق الذي حصلوا به على هذا الإيمان، ومن الناس من يعبد الله على حرف، بسبب جهله أو تزلزل إيمانه بسبب عدم صحة طريق أخذه. على كل حال لم أجد في هذا الوجه أي شاهد على استعمال الظن في خلاف الواقع إلا بضم الثاني والثالث معا وهو الظاهر مما قلته أيها العزيز.4. طبعا يحق لي أن أطالب بشهادك على هذا الاستعمال العرفي، وكلامنا في الظن بالخصوص لا الحسبان والأوهام ولا غيرها، هل هناك شاهد لغوي أو استعمال في كتب من يعتد بكلامه يفيد ذلك؟ وافني به متفضلا متكرما ولك كل الشكر.في الواقع ما أحببت طرحه هو هذه الملاحظات، التي قد تختلف معي فيها أو في بعضها، ولكن الاختلاف لو أخذ على أنه عائق
يجب أن يزال قبل كل كلام لما تم كلام.
ونسألكم الدعاء.
-----------------
فعلق السيد علوي على كلامه بقوله:
بعد السلام والتحية اولا اشكر فضيلتكم على التجاوب معي لمحاولة الوصول الى فهم جيد في هذا الموضوع ولو لا مناقشتك لكان الموضوع فاقدا للحيوية ولا يعرف ما هي الايرادات عليه ولا ما يمكن ان يكون اجابة عليه لقد سررت باعتراضاتكم والتي تنم عن روح علمية ناقدة.ثانيا ما يتعلق بالموضوع1 - اليس المقصود بالحسبان هو ما يقابل اليقين ؟ لا يهم في مقامنا الفرق بين الظن والحسبان المهم انه ليس قطعا كاملا وهذه هي نقطة الاستشهاد نعم اذا كان الحسبان بمعنى اليقين خرجت الاية عن صحة الاستشهاد كما تفضلت.2 - الذم للكافرين لا يقتصر على الجاحدين اذ لا شك ان في الكافرين من هم على يقين تام وهذا موجود بنسبة مهمة فكيف نخصص الذم بالجاحدين والذين قد يمثلون اقلية ؟
وما اشرت له في بحث القطع من معذرية القطع حتى من القطاع هو ما نريد ان نضع عليه بعض علامات الاستفهام هنا !
لان القاطع اذا كان معذورا على اي حال فما هو وجه ذمه , اصحاب الضلالات والانحرافات والكفريات اذا وصلوا الى اليقين بمعتقداتهم هل هم معذورون وعلى هذا الذم القراني للكافرين لا يشمل القاطعين ابتداءا باعتبار ان هذه القضية العقلية وهي معذرية القطع تمثل قرينة لبية تمنع من انعقاد الاطلاق في الايات وهذا نظير تقييد اطلاقات الخطابات الشرعية بالقدرة على متعلقها وما نريد ان نتسائل حوله هو هل ان ذلك يتم بالنسبة لكل قطع ؟. 3 - اذا كان المدح للمؤمنين لنفس ايمانهم وان كان مثلا عن طريق التقليد فهذا معناه اقرار مبدأ الحرية في اختيار طريق الاقتناع لانك اذا قبلت لشخص ان يؤمن بالاسلام تقليدا او بدون دليل صحيح فهذا معناه ان له الحق ان يختار غيره بنفس الاسلوب والا كان ترجيحا بغير مرجح من ناحية الاساس والمنهج لذا لا يجيزون في العقائد التقليد بل ان العلامة الحلي (قد) في شرح الباب الحادي عشر يرى ان من يؤمن اعتمادا على التقليد فهو خارج عن ربقة المؤمنين وان كنا نتعامل معه معاملة المسلمين فقهيا.4- اما عن سؤالك عن الشهادة على الاستعمال العرفي فهذا الامر معاش وواضح الا في صفوف الحوزويين لانهم قد يلتزمون بالاصطلاحات التي تعلموها وقد يستعملون ما يستعمله العوام ايضا ففي مناقشات المجتهدين في بحث الخارج كثيرا ما يصفون راي غيرهم بانه وهم اما في الاوساط العرفية العادية فانهم يقولون لمن يسلك طريقا منحازا وذاتيا للوصول الى قناعة ما, تراهم يسمونه واهما او ظانا او متخيلا ونحو ذلك من التعابير التي تدل على ان ما عنده ليس يقينا ولكنك لو سألته لوجدت اليقين عنده بحسب الغالب كحالة نفسية ويقول لك لا اشك في النتيجة التي توصلت لها ومن يدخل في مناقشات مع المنحرفين فكريا يلاحظ هذا الامر جليا , لكن هذا لا ينطبق علي شخصيا في هذا الموضوع، فلست متيقنا من ان هذا المعنى هو المقصود بالاية الكريمة كما قلت سابقا , انما طرحته للبحث العلمي والنقاش.
اخيرا اكرر شكري لك وارجو ان تذكر لي الموانع من قبول هذه الشواهد .
---------------------
فاجاب:
بل الشكر لك على التواصل أيها السيد الجليل.وأنت على حق فإن الحسبان بمعنى الظن، كما في المعجم الوسيط.(حَسِبَ) -َ حَسَبًا: ابيضَّت جِلدته من داء. فهو أَحْسَبُ، وهي حَسْباءُ. (ج) حُسْبٌ. و- الشيءَ كذا -َِ حِسْباناً: ظنَّه.لكن ألا ترى أيها العزيز أن ذلك لا يناسب استشهادك؟ فأنت تقول إن الظن يشمل القناعة الكاملة الناتجة عن اسس غير موضوعية او منحازة، فإذا كان الحسبان يقابل اليقين فكيف يكون شاملا للقناعة التامة؟ وألتمس منك العذر سيدنا الكريم، فلعل هناك من الإخوة من يشارك في إثراء الموضوع، وهو حيوي بذاته.
--------------------
وعلق العضو حامد الصالح:
بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيكما اخوي، فحقيقة إن لهذا البحث متعته، و حلاوته و قد استفدت منكما كثيرا.
و لي مداخلة هنا أحب أن أطرهها و إن كنت أقل مستوى من أن يباحث في مثب هذا الموضوع. فأقول، ألا يمكن أن يكون للظن معان مختلفة باختلاف موضعها في القرآن الكريم؟ فقد يكون بمعنى اليقين أو العلم كما يذكر في أحد المعان المذكورة في لسان العرب، و نرى هذا المعنى في قوله عز وجل في سورة البقرة - سورة 2 - آية 46:{ الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون } فقد قال الامام علي عليه السلام: "يوقنون أنهم مبعوثون، و الظن منهم يقين" كما ذكر في تفسير العياشي.و أيضا كما ربما الاية في سورة التوبة - سورة 9 - آية 118 قد تؤكد نفس المعنى:{ وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ان لا ملجا من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب الرحيم } فلو لم يكونوا موقنين بذلك لم تضق عليهم الارض بما رحبت، و قد أكون مخطأ.و كذلك في الاية في سورة يونس - سورة 10 - آية 22{ هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين }فإذا كان الموج في كل مكان فهذا يقين أنهم قد احيط بهمسورة يوسف - سورة 12 - آية 42:{ وقال للذي ظن انه ناج منهما اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين }فمن حيث أنه نبي و قد علم من خلال رؤياه أنه خارج من السجن فهذا الظن حسب فهمي هو أحد مراتب اليقين ان لم يكن هو اليقين و كذلك كما هو في عقيدتنا ان النبي أيضا يعلم الغيب بإذن اللهو قوله سبحانه في سورة سورة يوسف - سورة 12 - آية 110:{ حتى اذا استياس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد باسنا عن القوم المجرمين }فهم هنا يرون تكذيبهم جليا، اذا فهو يقين !و أما كون الظن قناعة ناقصة ، و ذلك ما أفهمه من الاية المباركة في سورة النساء - سورة 4 - آية 157 :"وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا"فإن هؤلاء لديهم قناعة فقد قتلوا رجل بشكل المسيح و لكنها ناقصة بدليل و ما "قتلوه يقينا" اذا لم تصل قناعتهم حتى الى درجة مقاربة لدرجات اليقين بدليل نفيه سبحانه و كذلك بمعنى الوهم نراه في قوله عز وجل في سورة الأنعام - سورة 6 - آية 148"سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون"و تخرصون هنا بمعنى التخمين من حيث الاستناد الى حجج غير موضوعية و هذه الاية تناسب الاية المطروحة في صدر البحث، أي أنهما كلاهما بمعنى الوهم وهنا قد يكون ان اعتقاد الكافرين هنا ليس بمعنى اليقين بل هو قناعة ناتجة عن اسس غير موضوعية او وهم. و الله أعلم!و بارك الله فيكما جميعا و نحب أن نرى بقية البحث سيدنا العزيز، و إن كان فيما طرحته أي خطأ فمنكم نستفيد اخواني.
-------------
فاجاب السيد علوي:
بسم الله والحمد لله اتمنى ان تكون المشاركة من الاخرين ايضا اخي الفاضل الخويلدي اقرا معي الاية( قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) كهف103 و104.
لاحظ كيف وصفهم بانهم خاسرون لعملهم بسبب الضلال ومع ذلك وصفهم بانهم يحسبون فهل ان المنحرفين والضالين والكفار عملهم قائم على الظن؟
في الوقت الذي لا انكر ان هذا يحدث بنحو الموجبة الجزئية انكر في الوقت نفسه ان هذا يحدث بنحو الموجبة الكلية بل ربما كانت الحالة الغالبة هي انهم على يقين من اعتقادهم واطمئنان بصوابية ما هم عليه فهنا اما ان تخصص الاية بالاقلية وهذه مشكلة تخصيصها بالنادر الذي هو ليس عرفيا واما ان تحملها على انهم سلكوا الطرق الذاتية المنحازة في الوصول لعقائدهم كتقليد الاباء وهنا يصح لنا ان نسمي ما هم عليه ظن وحسبان بالقياس الى المعطيات الواقعية الموضوعية وهذا تعبير عرفي جدا نعم قد يصعب تصوره او قبوله لمن الف الاصطلاحات المنطقية ولكن الاستظهارات لا تعتمد على الاصطلاحات العلمية في المنطق ولا غيره.
المقابلة بين الظن واليقين صحيحة منطقيا ولكن اذا فرضنا ان الظن يستعمل في معنى اوسع من الظن الخاص واليقين الذاتي ليشملهما ليكون الظن بهذا المعنى في مقابل اليقين الموضوعي فقط فما هي المشكلة في هذه المقابلة بين هذين المعنيين تصور معي ابتداءا اننا نريد ان نضع كلمة الظن لكل القناعات الناقصة بالاضافة الى القناعات الكاملة الناشئة من مناهج غير موضوعية وفي نفس الوقت نضع كلمة اليقين للقناعة الكاملة الناشئة من الاساليب المنهجية الصحيحة فقط.
هل هناك مشكلة في ذلك ؟
ان كان الجواب بلا فهذا يعني الامكان في عالم الثبوت وحينئذ ينبغي دراسة المرحلة الاثباتية وهذه ما تحدثنا عنها وحاولنا تجميع الشواهد عليها في ما سبق.
ونحن نريد ان نبحث هل توجد شواهد معاكسة لماطرحته ام لا؟.
وهذا ما نامل في الحصول على اجابة عليه من خلال المشاركات والسلام عليكم
----------------------------
ثم علق فضيلة الشيخ حسن البيات:
بسم الله الرحمن الرحيم سيدنا الكريم كان نقاشك مع الاخ العزيز ابي مهدي يمر بجدية الحوار العلمي ولم تفسحوا لنا مجالا لمضايقتكم ببعض التعليق ولكن عندما رأيتك قد وضعت حلقتك الثانية قلت لابد ان نضع شيئا والا فسماحة السيد سيعتبر الحلقة الاولى منهي النقاش فيها ولا تعليق فيما بعد فآثرت ان اضع ولو شيئا يسيرا حتى نلحق بركب الحلقة الثانية انشاء الله .واقول اولا ان هذا الموضوع هو موضوع علمي جدير بالقراءة والتدقيق.
وثانيا لا بد من أن نتفق على معنى الظن والإعتقاد واليقين والقناعة والحكم حتى يمكننا إرجاع الإمور إلى نصابها ويكون منطلقنا للمناقشة صحيحاً. 1. اليقين هو الإعتقاد بنسبة شيء إلى آخر على نحو الجزم والقطع وله عدة عنواين كما يفصلها الشهيد الصدر (رض) في الأسس المنطقية إلى يقين موضوعي وذاتي ومنطقي. 2. الظن هو ترجيح النسبة إلى الشيء ولكنها أقل بدرجات من نسبة ترجيح اليقين، ولكنها لا تقبل لان تكون ظنا ناقصا أو كاملا لان الظن بذاته هو نتيجة عدم وجود الادلة الكاملة للجزم بالنسبة على نحو القطع بل هناك وجود لترجيح احدى النسبتين بما لها من معطيات . 3. الإعتقاد هو الجزم بنسبة شيء لآخر فإن كان سببه جزماً قاطعاً كان يقيناً وإن كان ترجيحياً كان ظناً.4. الحكم وهو اسناد امر إلى اخر ايجابا أو سلبا بمعنى وقوع النسبة أو عدمها وهو اما ان تكون المقدمات المؤدية إلى ذلك الاسناد منطقية فيكون حكما منطقيا واما ان تكون المقدمات المؤدية إلى ذلك نفسية بدخول المؤثرات والبيئة والتربية فهي نفسية .والاول يتدخل فيه مطابقته للواقع ام لا واما الثاني فهو شبيه بالقرارات الذهنية التي لا تخضع لتمام المقدمات المنطقية المؤدية للنتيجة . 5. القناعة هو القبول بمضمون الموضوع والقناعة تحتمل كل العناوين الظنية واليقينية والمسلمات وحتى الشكية والوهمية، لأن عنوان القناعة هو الإقتناع بالموضوع بالعناوين المختلفة لذا حتى المفتنع بامر لا دليل قاطع له فلا نقول له انه غير مقتنع لعدم توفر الادلة الكافية بل نقول له ان الادلة لا تؤدي إلى تلك القناعة بكونها موضوعية أو منطقية ولكننا لا يمكننا الخدش في قناعته لكونها نتيجة ذاتية لوجود المؤثرات النفسية المؤثرة في نتيجة القناعة . والمصطلحات المتقدمة مترابطة ولكن نركز على الظن واليقين والأمر في اليقين لا يختلف في مصدر نسبة شيء لآخر من حيث تفصيلات الشهيد الصدر (رض) فإنها لا تعدو أن كانت ذاتية ان يكون للعامل النفسي أثر في ترجح أو الجزم بالنسبة أو تكون موضوعية وهي تعتمد على مكونات المقدمات ومؤداها إلى النتيجة ، أو تكون منطقية فلا فرق إلا بمستوى الجزم واستحالة عدمها . ولذا فإن الموروثات والعادات لها أثر في اليقين الذاتي ولكنها ليس لها أثر على الموضوعي والمنطقي. وقياس الظن على تفصيلات اليقين مما يحتاج الى مزيد عناية .ولذا فإن موضوع اليقين والإعتقاد والظن بالمعنين الآخرين لا علاقة لهما بمطابقتها للواقع الخارجي،ولذا فالآية (الظن لا يغني من الحق شيء) ليس على معنى الذاتية لان الذاتية ليست متعلقة مباشرة بمطابقتها للواقع أو لا بل انها تكون على نحو موضوعية النتاج بمعنى ان الظن بعنوانه الشامل اذا لم يطابق الواقع وهو ( الحق ) فلا فائدة فيه وكذلك الآية الأخرى (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) فهي ايضا تتحدث عن يقين بصحة ما يعملون ولكن ذلك العمل غير مطابق للحق فلذا فتكون النتيجة هو انهم خاسرون لعدم مطابقته للحق . فلم تفرق بينهما فهما في البعد عن الحق سواء كانا معتقدين بالظن أو باليقين ما داما بعيدين عن الحق فلا فائدة فيهما.أي ان لا اثر لمجرد او لطريقة الاعتقاد سواء كانت ذاتية ام موضوعية ما دامت النتيجة هي غير مطابقة للحق ، ولا ادل على هذا من "حسبان حسن الصنع" اذ فيها قرب من صحة ما يقوم به الانسان .بقيت بعض التعليقات 1- واكثرهم للحق كارهون" لا بمعنى صحة الاعتقاد وعدمه بل بمعنى كرههم للحق لان فيه تكليف على خلاف هوى النفس .2- "بالظن هنا هل هو الظن بما هو قناعة ناقصة؟ " والظن لا يحتمل معنى القناعة الناقصة لان نفس مستوى ترجيح نسبة الموضوع للمحمول اذا كانت على مستوى الجزم فهو يقين أو ترجيح احدى النسبتين فهو الظن ولا علاقة له بالقناعة لان القناعة هي امر قلبي أو اعتقادي بامر معين .3- "وعلى هذا التقدير تكون الادانة على الاعتقاد الخاطئ اوالعمل الناتج عنه مبررة بلحاظ القدرة على تلافيه بتلافي مقدماته والتي هي الاعتماد على الظن والاكتفاء به حتى يتطور ذاتيا ليصل الى اليقين"واظن سيدنا بان طريقة افتراض الية التربية والبيئة المؤثرة في طبيعة تكوين القناعات وادواتها
ستكون هناك صعوبة لغربلة معنى التلافي هذا .
والسلام
----------------
فاجاب السيد علوي :
بسم الله الرحمن الرحيم الاخ الفاضل الكريم حامد الصالح اشكر لك مشاركتك التي أثرت موضوعنا فقد اتيت بشواهد استعمال كلمة الظن بمعنى اليقين فجزاك الله خيرا سماحة الشيخ حسين البيات.
اولا- اشكركم على مشاركتكم الهادفة والنافعة في اشباع الموضوع وهذا من دواعي السرورلا العكس , وقد اتحفت الموضوع بشرح معاني اليقين والظن والقناعة والحكم فلكم جزيل الامتنان.
ثانيا- لامشاحة في الاصطلاحات كل باحث يستطيع ان يحدد مصطلحات محددة ويشرح مقصوده منها في البداية ليسير عليها في بحثه فيما بعد وحينما عبرت بالقناعة الناقصة عن الظن قصدت بذلك الاعتقاد الناقص او الرجحان غير الكامل فاذا كان هذا التعبير خاطئا لغويا فنعدل عنه واشكرك على هذا التنبيه.
ثالثا- من تعليقكم على اية " يحسبون" فهمت انكم تدورون مدار الواقع بغض النظر عن الطريق الموصل له وهذا لا باس به اذا كان المقصود من الخسران هو فوات مصلحة الواقع اما اذا كان المقصود من الخسران هو العذاب الاخروي فهو لا ينسجم مع معذرية القطع لان القاطع معذور في مخالفته الواقع بدون ادنى شك بالنسبة للقطع الموضوعي "المحايد" وعلى كلام وبحث بالنسبة للذاتي او "المنحاز"اما تلافي اليقين الذاتي فيكون بتجاوز البيئة والموروث ونحوها من مؤثرات غير موضوعية وهذا هو دور الدين في احد مهامه تربية الانسان على سلوك الطريق الموضوعي للوصول لليقين وقد اشرنا لذلك في الحلقة الثانية .