السبت، 26 أبريل 2008

حكم السعي في القسم الجديد

قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ {البقرة/158})


بحسب الروايات والفتاوى يجب ان يكون السعي بين جبلي الصفا والمروة وهذه النقطة ليست محل البحث هنا فلنأخذها كمسئلة منتهية ومسلمة والسعي في منطقة لا تقع بين الجبلين لم تكن مشكلة عملية على ارض الواقع فالمسار قبل التحديث الاخير واقع بين الجبلين ولكن بعد اغلاق مسار المسعى القديم وانحصار امكان السعي في المسار المستحدث الجديد كثر السؤال عن حكم السعي في القسم الجديد وحصل خلاف في ان جبلي الصفا والمروة هل لهما امتداد للقسم الجديد او بعضه او لا؟.


وهذه المسألة لها جانبان:-


جانب موضوعي- واقصد به امتداد الجبلين للقسم الجديد أوعدمه.


وجانب شرعي- وهو حكم السعي في الجزء الذي يشك في شمول الامتداد له وبعبارة هل يجزي السعي في المنطقة التي يحتمل انها واقعة بين الجبلين ام لا؟


اما الجانب الاول: فلست هنا لاقرر الامتداد ولا عدمه ولكن النقطة الجديرة بالتوضيح ان هذا الجانب لا يرتبط بالفقيه بما هو فقيه فالامتداد وعدمه من المواضيع الخارجية الصرفة التي ليست محلا للفتوى.


والموضوع الخارجي يثبت بعلم المكلف أو بشهادة الثقات من أهل الخبرة بالموضوع ان كان بحاجة لخبرة كما في موضوع الجبلين في زماننا وحجية شهادة الثقات مشروطة بان لا تعارضها شهادة نافية.


فلو فرض قيام الشهادة بالامتداد للجبلين وقابلها قيام شهادة بنفي الامتداد لهما لتساقطت الشهادات ولم يثبت الامتداد ولا عدمه.


وفي كل المواضيع الخارجية غير المستنبطة يتبع فيها العلم أو الحجة الحاصلة للمكلف نفسه وإن اختلف مع مرجع تقليده فلو فرضنا مقلدا للسيد السيستاني حفظه الله تعالى يرى امتداد الجبلين فيكفيه ان يسعى بينهما حتى مع فرض عدم امتداد الجبلين بحسب رؤية السيد السيستاني دام ظله.


تماما كما لو اعتقد زيد عدالة عمرو فانه يجوز له ان يصلي خلفه ويقبل شهادته حتى لو فرضنا ان هذا الشخص ليس عادلا عند المرجع الذي يقلده زيد.


وهكذا الموضوع الخارجي غير المستنبط ليس محلا للتقليد ولا محلا للفتوى.


واما الجانب الثاني: فهو جانب شرعي ومسرح للفتوى ولكن الفتوى الوحيدة التي أعرفها تجيز السعي في المنطقة المشكوك كونها بين الجبلين هي فتوى سماحة آية الله السيد كاظم الحائري مد ظله فلا أعلم أحدا غيره يرى كفاية السعي في المحل المشكوك.


وهنا يهمني نقل فتوى سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني والتي اراها متوافقة تماما مع قواعد الاستنباط وهي كالتالي:



ما حكم المحرم للعمرة المفردة في هذه الاونة حيث تم اغلاق المسعى القديم ولا يسمح الا بالسعي في الممر الجديد؟


هنا عدة صور:


الاولى : ان يثبت له عدم امتداد الجبلين (الصفا والمروة) الى الممر الجديد وفي هذه الصورة يمكن التحلّل من الاحرام بالاتيان بوظيفة المصدود اي بذبح الهدي في مكة ثم الحلق او التقصيرعلى الاحوط وجوبا .


هذا اذا لم يكن على علم مسبق قبل احرامه بعدم تيسر السعي له والا يشكل تحلله من الاحرام بذلك ويمكن الرجوع في المسالة الى فقيه اخرمع مراعاة الاعلم فالاعلم .


الثانية : ان يثق بامتداد الجبلين الى الممر الجديد او يثبت له - ولو من خلال فتوى بعض الفقهاء - توفر شهادة الثقة من اهل الخبرة بذلك من غير ان تكون معارضة بشهادة اخرى , وفي هذه الصورة يجزيه السعي في الممر الجديد.


الثالثة : ان لا يثبت له شيء من الامرين (الامتداد وعدمه) وفي هذه الصورة يلزمه الجمع بين السعي من الممر الجديد والاتيان بوظيفة المصدود ويتحقق ذلك بذبح الهدي في مكة بعد السعي وقبل التقصير او الحلق.


تنبيه :


والجمع بين السعي ووظيفة المصدود في الصورة الثالثة فتوى اي فتوى بالاحتياط لا احتياط في الفتوى .


المصدر:



http://www.sistani.org/local.php?modules=extra&eid=3&aid=61


وما أود توضيحه بهذا الصدد:-


أولا- ان ثبوت الامتداد قد يحصل بمراجعة الكتب التاريخية والخرائط والشهادات وسائر القرائن.


ثانيا- قد يتحقق ثبوت الامتداد بالتوفر على شهادة الثقات من اهل الخبرة بالامتداد بشرط ان لا تكون في مقابلها شهادة تنفي الامتداد.


ثالثا- شخصيا لا أرى فتوى بعض الفقهاء توفر الوثوق بقيام شهادات أهل الخبرة من الثقات لاحتمال استناد الفتوى إلى أمور استنباطية.


وقد بلغني ان آية الله الشيخ الفياض يرى الامتداد على اساس استنباطي من قبيل ان الجبل لا يمكن ان يكون عرضه عشرين مترا ونحو ذلك.


رابعا- الحالة الغالبة عند الناس هي الحالة الثالثة اما لعدم توفر شهادة الثقات من اهل الخبرة اساسا لهم او انها معارضة وبالتالي لا يجوز لمقلدي السيد السيستاني في الحالة الثالثة الرجوع لغيره.


خامسا- أساس الفتوى بوجوب الاحتياط منجزية العلم الاجمالي فمن لم يثبت له الامتداد ولا عدمه يعلم اجمالا بان وظيفته مرددة بين وظيفة المعتمر (السعي في القسم الجديد) وبين وظيفة المصدود فعليه ان يجمع بينهما.


سادسا- أما تقديم ذبح الهدي على التقصير فسببه انه قبل ذبح الهدي لا يحرز تحلله من الاحرام فحذرا من ارتكاب أحد محرمات الاحرام بالاخذ من الشعر يقدم الذبح ويتأخر التقصير حيث ان الذبح ليس من محرمات الاحرام.


سابعا- هذا الامر شرحته للكثير من المؤمنين من خلال المسجد والجواب على اسئلة المتصلين وغير ذلك من الوسائل.


واليوم عرض علي احد المتعهدين ( المقاولين) استفتاء ارسله لاحد مراجع النجف الاشرف مع الجواب هذا نصه:-


انا من مقلدي السيد السيستاني هل يجوز لي التبعيض في مسئلة السعي الجديد على راي الشيخ الفياض؟


الجواب


بسمه تعالى


نعم يجوز لك الرجوع في جواز السعي من المسعى الجديد والطابق الثاني الينا حيث ان عدم جوازه عند السيد احتياطي.

10 ربيع الثاني

1429 هـ


انتهت الفتوى.


أقول


من خلال ما بيناه يتبين عدم صحة المذكور أعلاه فلعله حصل اشتباه في النقل عن السيد السيستاني لسماحة الشيخ الفياض حفظهما الله تعالى.


ليست هناك تعليقات: