الجمعة، 9 أكتوبر 2009

الادانة بدون دليل جناية


خلاصة حديث يوم الجمعة
المكان: مسجد الجبل ببلاد القديم
التاريخ: 19 شوال 1430 هـ
الموافق 9/10/2009 م
الادانة بدون دليل جناية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبن الطاهرين
سنتحدث اليوم عن ان الادانة بدون اثبات كاف جناية وجريمة في نفسها فادانة المشتبه بارتكابه جريمة وانزال العقوبة بحقه يدخل ضمن ارتكاب الجريمة المؤكدة المستحقة للادانة والعقوبة.
وهذا نتيجة مبدأ ( المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وهو مبدأ شرعي ديني وقانوني في نفس الوقت.
وهناك مبدأ آخر وهو (لا يستحق العقوبة غير مرتكب الخطيئة والجناية) او (لا يتحمل البريء جريرة المسيء)
وهذا المبدأ هو الآخر شرعي ديني وقانوني أيضا.


استعراض جملة من الآيات الكريمة:-
1- قوله تعالى: )وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (النساء /111.
فالآية الكريمة تقرر مبدأ ان العقوبة شخصية لا تطال سوى مرتكب الجناية والمخالفة.
2- قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) البقرة/ 286.
فلكل نفس عملها الصالح وعليها مسؤولية عملها السيء ولا يتحملها أحد من الاقرباء او الاباعد.
3- قوله تعالى: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الانعام/164.
وهكذا فلا يستحق العقوبة سوى مرتكب الجرم ولا يشاركه في ذلك سواه.
4- قوله تعالى: (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) يونس/ 108.
فلا يتحمل سائر الناس ضلاله وانحرافه فهو مرهون بعمله ويتحمل مسؤولية انحرافه وحده.
5- قوله تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم/39.
لا تتحمل أي نفس وزر وجرم أي نفس أخرى، وفي المقابل لا ضريبة على عمل الخير فكل ما يعمله الانسان من خير فهو كله له دون ان ينقص منه شيء في ميزان أعماله.
6- قوله تعالى: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)الاسراء/15.
فالانسان يتحمل مسؤولية عمله وان الله تبارك وتعالى لا يعذب أو يعاقب بدون دليل وحجة على عباده حيث ان الرسول مثال للحجة وهكذا تؤكد الاية الكريمة على مبدأ (البراءة ما لم تثبت الادانة)
ونخلص الى مبدأ البراءة ومبدأ عدم جواز انزال العقوبة في المشتبه به وان أدى ذلك لان يفلت المجرم الحقيقي من العقاب وكما يقال: ( تبرئة ألف مجرم مشتبه ولا إدانة بريء واحد)
وينتج من الجمع بين هذين المبدأين ان معاقبة البريء او المشتبه به جناية تستحق العقوبة.
وهذه الحقائق والمبادئ أقرها الاسلام في قبال افعال اهل الجاهلية القاضي بادانة الولد بجريرة ابيه او معاقبة الاب بجريرة ابنه او اي من الاقارب.
فهذه المبادىء والحقائق فروع لشجرة العدالة ولا فرق في صدقها وحقانيتها بين زمان وآخر ولا بين مكان وآخر فكما هي صادقة قبل ألف عام فهي صادقة الآن وكذا بعد الف عام.
اما مصداق اليوم فهو قضيتا معتقلي المعامير وكرزكان فبما انه لا شيء يدينهم فحكمهم البراءة وأي ادانة لهم مدانة شرعا وقانونا وهكذا انزال العقوبة بحقهم جناية تستحق العقوبة في نفسها.
وهذا هو البعد الحقوقي الديني والقانوني في القضية وهناك بعد آخر في القضية وهو البعد السياسي حيث ان كثيرا من أهالي القرى والارياف يعتقدون بأن الاعتقال والمحاكمة يدخل ضمن معاقبة اهل قريتي المعامير وكرزكان او رسالة تخويف وضغط على النشطاء السياسين في عودة واضحة للسلوك الجاهلي وفي المقابل هناك من لا يوافق على هذه النظرة في الجانب السياسي وانا هنا لا اريد ان اصطف مع هذه الوجهة السياسية او تلك فلا يهمني كثيرا البعد السياسي في القضية.
انما يهمني ان اركز على الجانب الحقوقي الديني والقانوني فلا ادانة لهم وان اشتبهت فيهم الجهات الامنية والنيابة العامة.
كما ان تسجيل أي ادانة لهم مدان ومرفوض وأي عقوبة نفسية او جسدية لهم يستحق فاعلها المحاكمة وانزال العقوبة بحقه.
فليطلق سراحهم فورا وكفاهم وكفى الوطن هذه المعاناة الكبيرة.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1).
-------------
(1) النحل / 90.

ليست هناك تعليقات: