الخميس، 22 أكتوبر 2009

العضو محب الوطن: رد على مقالة (موضوعات صرفة أم شرعنة بعثرة الساحة؟) للكاتب عباس هاشم


نشر العضو محب الوطن في منتديات بحراني نت الموضوع التالي:
قرأتُ في جريدة الوفاق العدد 111 الصادر بيوم الجمعة 19 شوال 1430 هجرية الموافق 9-10- 2009 مـ مقالاً بعنوان (موضوعات صرفة أم شرعنة بعثرة الساحة؟)
للكاتب عباس هاشم، وقد كانت مقالته رداً على ما أورده سماحة العلامة السيد علوي البلادي في خطبتين بعنوان "إطلالة على شرعية العمل السياسي" و "تطبيق ولاية الفقيه بين الوهم والحقيقة"، ولي بعض الملاحظات على هذا المقال، وقبل إبداء الملاحظات على ما أورده الكاتب الكريم لا بدَّ من ذكر أمرٍ مهم ، وهو : أنَّ عالم الدين إذا تكلَّم في موضوع من الموضوعات الداخلة في دائرة اختصاصه فينبغي أن يكون الردُّ عليه من قبل عالمٍ من أهل الاختصاص، وليس من قبل شخصٍ غير متخصِّص احترازاً من المغالطات التي قد يحويها جواب غير المتخصِّص والتي قد لا تصدر من العالم المتخصِّص.

كما ينبغي أن لا يكون الردُّ خارجاً عن حدود الآداب خصوصاً إذا كان الكاتب في معرض الرد على عالمٍ من العلماء.


وهذه بعض الملاحظات على ما ورد في المقال المذكور :

1- بدأ الكاتب الكريم مقالته بالقول : "بدأ أحدهم يثير خلطاً عجيباً بين الشأن الفردي وبين الشأن العام"، فهل هذه لغة حوار؟ وهل من الأدب أن نحاور العلماء بهذا الأسلوب الذي يتضمَّن التحقير والازدراء؟

وهل من حق الكاتب الكريم أن يفتي جازماً بالفارق بين الشأن الفردي بتعبيره والشأن العام في فتاوى المراجع حتى يقطع بأن سماحة السيد يخلط خلطاً عجيباً فيما نسبه للسيدين المرجعين الخوئي رحمه الله والسيستاني دام ظله؟

2- قال الكاتب : "فبعد أن أطنب الرجل في إيضاح الفرق بين الحكم الشرعي الفرعي الكلي والموضوع الشرعي المستنبط، وإنهما ما يجب التقليد فيها، أوصل مستمعيه إلى النتيجة التي أتعب نفسه في التقديم لها، والتي مفادها أن المشاركة والمقاطعة هي من الموضوعات الصرفة التي لا يجوز التقليد فيها، فهي قرار كل فرد على حدة".

أقول : نعم لقد أوضح السيد البلادي الفرق بينهما مستنداً إلى آراء بعض المراجع العظام كآية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره وآية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله، فإن كان السيد مخطئاً أو مشتبهاً فيما نقله عن المراجع فقد كان من المفترض على الكاتب أن يوضِّح هذا الخطأ وأن يعرض آراء المراجع والفقهاء التي تُخالف ما نقله عنهم السيد البلادي بدلاً من الإسهاب في الكلام الإنشائي المتضمن لتكذيب السيد وتخطئته وذلك لا يخدم الموضوع.

لقد كان موضوع الكاتب الكريم في أغلبه عبارة عن تساؤلات استنكارية متكررة : "لماذا تغييب الفرق الشاسع بين الحكم الشرعي في الشؤون الفردية وبين الشأن العام" "أي خطورة يشكلها هذا الطرح على وحدة القرار الذي لا يختلف على ضرورته عاقلان وهو يجعل من الشأن العام والإفتاء للأفراد في الشؤون الفردية بمرتبة واحدة وشأناً واحداً" "أي كارثة قد يقودنا إليها هذا الطرح وهذه المقايسات"، فليتَ الكاتب العزيز قد تكرَّم بجواب علميٍ على ما ورد في خطاب السيد البلادي بدل الأسلوب الإنشائي الاستنكاري في ما نسبه سماحة السيد للمراجع ومحاولة استعطاف القراء.


قال الكاتب : "إنّ من يقلد السيد السيستاني والسيد الخوئي، لا يجوز لهم الإفطار إذا حكم الحاكم بالهلال ما لم يثبت الهلال، ولكن هل يصح زج هذا الحكم في سياق الحديث عن الشأن العام وعلى مثل المشاركة والمقاطعة أو مواجهة السلطة أو أي قرار ينتج عنه تعريض الأموال والأعراض والدماء للخطر".

أقول للكاتب الكريم : إذا كنتَ تنسب للمرجعين الخوئي والسيستاني رأياً مخالفاً لما نسبه لهما السيد البلادي فتفضَّل بذكره وأرشدنا إلى موضعه وسنكون شاكرين لك، فما تقوله بحاجةٍ للدليل العلمي لا الإنشاء وتكرار التساؤلات الاستنكارية، فالسيد البلادي قد بيَّن مقدار الولاية التي يراها السيد الخوئي قدس سره للفقيه، فهل مسائل الشأن العام داخلةٌ فيها؟ إذا كنتَ ترى ذلك أوضحه للناس، وأما رأي السيد السيستاني فقد ذكر السيد البلادي رأيه في مساحة الولاية التي يراها للفقيه وهو : أن يكون فقيهاً جامعاً لشرائط المرجعية ويحتل مرجعية عامة، وأن يكون أعلم الفقهاء الأحياء فلا ولاية لغيره إطلاقاً، وأن يكون مقبولاً لدى عامة الناس، وهذا الفقيه الأعلم الجامع لشرائط المرجعية ويمثل مرجعية عامة للمؤمنين ومقبول عند عامة الناس ليست له الولاية إلا فيما يتوقف عليه نظام المجتمع. فإذا توافرت هذه الشروط (ومنها الأعلمية) في شخصٍ وكانت القضية من القضايا التي يتوقف عليها نظام المجتمع وألزم هذا الفقيهُ الناسَ بشيءٍ من موقع ولايته فلك أن تخطئ المخالفين له إذا كانوا من مقلِّدي السيد السيستاني أو أي مرجع آخر يرى هذا التفصيل في الولاية، وإذا اختلَّ شرط من هذه الشروط فلا إلزام لمقلدي السيد السيستاني أو أي مرجع يرى هذا الرأي بقول أحدٍ أو إلزامه.

هذا ما نقله السيد البلادي عن السيد السيستاني، فهل أخطأ أو اشتبه في نقله؟ إن كان الأمر كذلك فنرجو عرض الرأي الصحيح للسيد السيستاني دام ظله والذي ما زال حياً (أدام الله بقاءه) ويمكن مراجعته لمعرفة رأيه.

أما بالنسبة للسيد الخامنئي دام ظله فقد نقل عنه الثقات في (بيان الحجة) : "أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمطالبة بالحقوق العادلة العامة للشعب، لا تتطلب إذن الولي الفقيه، فهي مربوطة بالمكلفين . نعم تم التأكيد على أن إيقاع الضرر بالآخرين في سياق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمطالبة بالحقوق يحتاج إلى إذن الفقيه . أما إذا قام المكلف بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو شخّص بأن الحصول على حقوقه المشروعة لا يحصل إلا من هذا الطريق أو ذاك فسلكه ثم وقع عليه الضرر من قبل السلطة أو غيرها، فالمسؤولية الشرعية عن ذلك الضرر تقع على من أوقعه وليس على المكلف، حتى لو علم المكلف أو توقع سلفا وقوع الضرر عليه، بغض النظر عن نوع ذلك الضرر : الجرح أو السجن أو القتل أو غيره". وهو لا يخرج عمَّا بيَّنه سماحة السيد علوي البلادي من أنَّ الموضوع راجعٌ إلى تشخيص المكلَّفين، ولا نجد فيما نُقل عن السيد القائد دام ظله ما يشير إلى وجود مرجعية محلية يكون قرارها ملزماُ للمكلَّفين. كما ينبغي الإشارة إلى أن الولي الفقيه الذي له الولاية المطلقة في نظر السيد الخامنئي دام ظله هو واحد لا يتعدَّد، فلا يكون هناك ولي فقيه في إيران، وآخر في البحرين، وثالث، في العراق، ورابع في الكويت، بل الولي الفقيه الذي له الولاية المطلقة هو شخص واحد، وأما غيره فلا ولاية له، وهو رأي السيد الخميني قدس سره الشريف.

وقد جاء في بيان الحجة نقلاً عن آية الله العظمى السيد كاظم الحائري دام ظله : "وقد تم اللقاء مع سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحائري، للاستيضاح منه بشأن إعطائه الصلاحية لبعض علماء البحرين الأجلاء، بخصوص التصدي للقضاء والشأن السياسي، فأكد على أن الإشادة بأحد العلماء ومنحه بعض الصلاحيات، لا يعني منع الاختلاف العلمي والعملي معه أو حصر الصلاحيات فيه بحيث تُمنع مزاحمته من قبل آخرين يختلفون معه في الرأي والمنهج، وإنما تثبت بأن له حقا، بدون أن يمنع ذلك من أن يكون لغيره حق مماثل".

وبعد معرفة هذه الآراء يتضح سبب دعوة السيد علوي البلادي للتحاور والتشاور بين مختلف الأطراف والتي تعجَّب منها الكاتب الكريم، فإنَّ التحاور والتشاور والوصول إلى رؤية مشتركة ليس فيه إلزام للناس بهذه الرؤية، بل هي تهدف إلى إقناع الناس، فإنَّ الناس إذا رأت أن مختلف الأطراف لها رؤية مشتركة فسينعكس ذلك على قناعاتها وسيكون لهذا الأمر أثر إيجابي في توحيد الكلمة، فلو كان تشخيص جهة معينة في الشأن العام ملزماً لكل الناس فلا معنى لدعوة الأطراف المختلفة للتحاور والتشاور.

إنَّ الكاتب الصحفي له حقه المشروع في بيان رأيه ومحاولة إقناع الناس بما يراه صواباً في المشاركة أو المقاطعة، بأن يبيِّن للناس جدوى المشاركة ومحاسنها ومساوئ المقاطعة أو العكس، ولكن ليس له أن يفتي الناس إذا لم تكن شرائط المرجعية والفتوى متوفرَّة فيه، فالإفتاء وبيان الأحكام الشرعية له أهله إلا إذا خلت الساحة من أهل العلم والفضل وانقطعنا عن المراجع، وأظنُّ أننا لم نقع في هذا الأمر، فالساحة مليئة بالعلماء المتخصِّصين، ويمكننا التواصل مع المراجع لمعرفة آرائهم.

ولقد ذكر الكاتب الكريم بعض المواقف التاريخية التي حصلت لبعض المراجع أعلى الله مقامهم ليستدل على ما ذكر، وهي في الحقيقة لا تؤيِّد مطلبه، وليته استدلَّ بأقوال الفقهاء المعاصرين الذين يرجع إليهم الناس في هذا العصر سواءً الأحياء أو الأموات الذين لا زالت مرجعيتهم منتشرة للاستدلال على شرعية ما ذهب إليه واستنكر على سماحة السيد البلادي القول بخلافه، لأنَّ ذكر المواقف التاريخية يستدعي الإطالة في الكلام لكي نبيِّن للقراء اشتباه الكاتب الكريم، وكذلك لن يستفيد مقلدو السيد السيستاني أو السيد الخوئي أو السيد الخامنئي أو غيرهم من مراجعنا العظام بحادثةٍ حصلت للميرزا الشيرازي قدس سره منذ ما يقارب 116 سنة، فهم ملزمون بفتاوى مراجعهم، فإذا كانت لديهم فتاوى تؤيِّد قول الكاتب الكريم فعرضها سيكون أفضل وأنفع للمكلَّفين من الاستدلال بثورة التنباك.

ومع ذلك سنقف على المثالين اللذين ذكرهما الكاتب الكريم عن الميرزا محمد حسن الشيرازي والإمام الخميني قدس سرهما – مع اعتذارنا عن الإطالة التي رايناها ضرورية -.


قال الكاتب : "لنتخيّل ماذا كان سيحصل لو تم تطبيق هذا الرأي ايام ثورة التنباك التي فجّرها الميرزا محمد حسن الشيرازي رحمه الله في العام 1891، أي قبل ما يقارب 116 سنة، والتي جاء فيها: "استعمال التنباك والتتن حرام بأي نحو كان، ومن استعمله كان كمن حارب الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف". وعلى إثر هذه الفتوى أفلست الشركة البريطانية التي عقدت اتفاقاً له أهداف استعمارية مع الشاه ناصر الدين القاجاري. فهل كان سينجح الميرزا في ثورته لو صار لزوماً على كل فرد أن يشخّص موضوع التنباك ومن ثم يتخذ الموقف الذي أوصلته له قناعاته وليس قناعة الميرزا الشيرازي، وإنه غير آثم في حال مخالفة الميرزا مادام مرجع تقليده لا يرى ولاية الفقيه؟ مشكلة هذا الطرح يفترض أنه لا يوجد شأن سياسي عام في حاجة إلى قيادة رشيدة تقود هذا الشأن، ويفترض أن الفقيه من غير المرجع لا يحق له قيادة الناس والإفتاء لهم في الشأن العام السياسي...الخ".

أقول : لكي تتضح الصورة للجميع حول هذا المثال الذي ضربه لنا الكاتب الكريم لا بدَّ أولاً أن نبيِّن من هو الميرزا محمد حسن السيرازي أعلى الله مقامه الشريف، وهل كان مرجعاً دينياً عاماً، أمْ كان فقيهاً يقود أحد المجتمعات ويفتي لهم في الشأن العام وكانت فتواه ملزمةً لغير مقلديه، وننقل هنا ما قاله السيد محسن الأمين قدس سره في (أعيان الشيعة) في ترجمة الميرزا الشيرازي قدس سره : "كان إماماً عالماً فقيهاً ماهراً محققاً مدققاً رئيساً دينياً عاماً ورعاً تقياً راجع العقل ثاقب الفكر بعيد النظر مصيب الرأي حسن التدبير واسع الصدر...... وانتهت إليه رئاسة الإمامية الدينية العامة في عصره وطار صيته واشتهر ذكره ووصلت رسائله التقليدية إلى جميع الأصقاع وقلد في جميع الأقطار والأمصار في بلاد العرب والفرس والترك والهند وغيرها. وكان في عصره من أكابر العلماء المجتهدين المقلدين من العرب والفرس والترك أمثال الشيخ محمد حسين والشيخ محمد طه نجف والسيد حسين الكوهكمري والشيخ آقا رضا الهمذاني والشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ حسن المامقاني والميرزا لطف الله والملا محمد الإيرواني والشيخ زين العابدين المازندراني والميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني والسيد كاظم اليزدي وغيرهم لكن جمهور الناس كان مقلداً له. وبلغ من الرئاسة وجلالة الشأن مبلغاً لم يكن لأحد من الأمراء والملوك في أيامه. وجبيت إليه الأموال من أقصى الصين وما وراء النهر فما دون ذلك...الخ".

هذه هي المكانة الدينية للميرزا الشيرازي أعلى الله مقامه الشريف، فقد كان مرجعاً دينياً عاماً للشيعة في ذلك وكان المرجع الأعلى في زمانه، ويحتل زعامة دينية مقبولة عند عامة الناس، وهذا يتبيَّن مما ذكره السيد محسن الأمين عن قضية التنباك حيث قال : "في سنة 1312 وهي سنة وفاته وقيل سنة 1309 أعطى الشاه ناصر الدين القاجاري امتياز حصر التوتن والتنباك لشركة انكليزية فشاع أن المترجم أفتى بتحريم التدخين بهما ولا بد أن يكون أفتى بذلك وإن كانت صورة الفتوى لم تنتشر بين الناس فترك جميع أهل إيران التدخين وكسرت كل نارجيلة وكل آلة تستعمل للتدخين في بلاد إيران حتى أن نساء قصر الشاه كسروا كل نارجيلة في القصر والشاه لا يعلم بذلك فطلب من خادمه إصلاح نارجيلة والإتيان بها على العادة فذهب الخادم وعاد وأبطأ حضور النارجيلة فأمره بإحضارها فذهب وعاد بدونها حتى فعل ذلك ثلاث مرات وفي المرة الثالثة غضب الشاه وانتهره فأجابه الخادم عفواً لم يبق في القصر نارجيلة واحدة وكلها كسرها الخانمات وقلن إن الميرزا الشيرازي حرم التدخين وحتى أن بعض الفسقة كانوا في المقهى فكسروا نارجيلاتهم لما سمعوا أن الميرزا حرم التدخين فقال لهم بعض الجالسين أنتم ترتكبون كل منكر ولا تتورعون عن محرم وتفعلون هذا لأنكم سمعتم أن الميرزا حرم التدخين فقالوا: إننا نفعل المعاصي ولنا أمل بالرسول وآل بيته أن يشفعوا لنا إلى الله في غفران ذنوبنا والميرزا اليوم هو نائبهم وحامي شرعهم ومؤديه إلى الناس فنحن نأمل أن يشفع لنا عندهم فإذا أغضبناه فمن الذي يشفع لنا وهكذا ترك عشرون مليوناً في إيران التدخين عملاً بأمر الميرزا الشيرازي لأنه بلغهم أنه حرم التدخين فاضطر الشاه إلى فسخ الامتياز مع الشركة الانكليزية ودفع ما خسرته بسبب ذلك".

وهذه هي درجة نفوذ الميرزا الشيرازي قدس سره لكونه المرجع الأعلى للطائفة في ذلك.

وبعد الذي قلناه نسأل الكاتب الكريم : أين وقعت قضية التنباك؟ والجواب : في إيران، ونسأل سؤالاً آخر : وأين كان يعيش الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سره الذي امتثل أهل إيران جميعاً لفتواه بحرمة التنباك؟ هل كان يعيش في قم أو في طهران أو في شيراز أو في أصفهان أو غيرها من المدن الإيرانية؟ والجواب : لا بل كان يسكن في مدينة سامراء في العراق، ثم نسأل سؤالاً آخر : لماذا لم يفتِ في هذا الموضوع أي فقيه من الفقهاء الذي يسكنون في البلد الذي وقعت فيه الحادثة بالرغم من أنَّ هذا البلد يغصّ بالفقهاء؟ والجواب : أن الرجوع إلى الميرزا الشيرازي في هذه القضية لأنه لا يوجد شيءٌ اسمه مرجعية محلية تكون قراراتها ملزمةً للناس، فلذلك كانت المرجعية هي الفاصلة في هذه القضية، والميرزا الشيرازي على الرغم من مرجعيته العامة ونفوذه الواسع أصدر فتواه بعد مشاورة الكثير من الفقهاء.

وقد يُسأل هذا السؤال : لماذا تدخَّل الميرزا الشيرازي في هذا الشأن وأصدر فتوى التحريم ولم يترك الأمر للمكلَّفين، ومن الممكن الجواب على ذلك بما يلي : أنَّ الميرزا الشيرازي قدس سره يرى الولاية للفقيه ولو بالمقدار الذي يتوقَّف عليه نظام المجتمع، فأصدر حكمه الولائي بالحرمة، أو أنه أفتى بعد أن أصبح الضرر الواقع على المسلمين واضحاً لا شبهة فيه ولا خلاف في تشخيصه بين الناس فأصدر فتواه من موقعه كمرجع أعلى للطائفة آنذاك وبعد مشاورة أغلب المراجع والفقهاء – كما نُقل - بحيث صار الضرر على الإسلام والمسلمين أمراً حتمياً. وهو لا يتنافى مع ما ذكره سماحة السيد علوي البلادي.


وقال الكاتب : "وهنا يجدر تذكير الرجل بثورة الخامس من حريزان (الخامس عشر من خرداد) العام 1963، والتي قادها الإمام الخميني وقد ذهب ضحيتها ما يقارب من 15 ألف من الإيرانيين، ولم يكن هؤلاء من مقلدي الإمام الخميني، لأن الإمام ببساطة لم يعلن مرجعيته آنذاك، فهل أخطأ الخميني حين قاد الثورة وهو لم يكن بعد قد أعلن مرجعيته أم أن هؤلاء أخطأوا حين استجابوا للإمام واستشهدوا؟".

أقول : لا نحتاج للإسهاب في تحليل هذا الكلام، فيكفي أن نصحِّح للكاتب الكريم معلومته ونقول له : إن الإمام الخميني قدس سره كان مرجعاً قبل الخامس عشر من خرداد، وقد أصبح مرجعاً بعد وفاة المرجع السيد البروجردي قدس سره، ومن الأمثلة على ممارسة دوره كمرجع إصداره فتوى تحريم استقبال الشاه، ونحن نسأل: لماذا لم تصدر كل هذه الأمور من الإمام الخميني قدس سره قبل وفاة السيد البروجردي؟ أعتقد أن الجواب واضح وهو أن السيد البروجردي كان هو المرجع.

وفي الختام نقول للكاتب العزيز الذي نكنُّ له الاحترام : إذا كان إلزام الناس بتشخيص شخصٍ أو جهة ما ملزماً للناس وكان العمل وفق هذا التشخيص واجباً شرعياً فنرجو الاستناد إلى أقوال مراجع الطائفة الذين يرجع إليهم الناس وعرض فتاواهم بهذا الخصوص، وإذا لم يكن كلامك مستنداً إلى أقوال المراجع فهو لا يعدو عن كونه إفتاءً بغير علم.

كما لا بدَّ أن نقول : إنَّ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فمن المفترض أن لا نتحاور مع نختلف معه وكأنه عدو لنا، فالحوار العلمي بعيداً عن التحقير والازدراء ومحاكمة نوايا الناس هو الأسلوب الذي يُرجى له أن يكون مثمراً.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

بسمه تعالى
كنت قد قرأت هذا الرد في بعض المواقع الإلكترونية، ولكن لم أكن لأضيع وقتي في الرد على من يكتب بأسماء مستعارة في المنتديات نتيجة عدم جهوزيته لتحمل مسؤولية مغالطاته أمام الناس وأمام الله جل وعلا، ولكن بما أن موقع سماحة السيد علوي قد نشر هذا الرد، فإن ردّي على الكثير من المغالطات المحشوة فيه سيكون ردّاً على ما ورد في الموقع، ومن الصعب عليّ تصديق أن يتبنى مثقفاً حقيقياً هذا الرد.
وللعلم، فإن مقالنا المعنون : موضوعات صرفة أم شرعنة بعثرة الساحة؟"هو الرد رقم واحد من عدد من المقالات تم حتى الأسبوع الماضي نشر اثنين منها في الرد على خطبتي السيد المعنونتين: إطلالة على شرعية العمل السياسي، والخطبة الثانية التي كانت تحت عنوان: تطبيق ولاية الفقيه بين الوهم والحقيقة.
السيد عباس هاشم

غير معرف يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

غريب أمر الكاتب السيد عباس هاشم، فهو لا زال مصراً على تكرار الأخطاء السابقة، ويظهر أنه لم يتنبَّه إلى الآن بأنه ليس مؤهلاً للرد على العلماء، كما أني لم أفهم ما هي الملازمة بين الكتابة بأسماء مستعارة وبين عدم الجهوزية لتحمّل المسؤولية أمام الله عز وجل!!!!!!!

ثم إنَّ صاحب المقال قد ناقش الكاتب السيد عباس هاشم بأسلوبٍ علمي ولا يتضمَّن السخرية والتحقير كما فعل هو في ردِّه على سماحة العلامة السيد علوي البلادي.

نرجو من الأخ الكاتب عباس هاشم أن يحاور الناس بأساليب علمية، بعيداً عن العبارات التي لا تحق حقاً ولا تُبطل باطلاً كقوله : "ومن الصعب عليّ تصديق أن يتبنى مثقفاً حقيقياً هذا الرد".

طبعاً لا نستغرب صعوبة ذلك عليك، فما دمتَ تخوض في الرد على العلماء والرد على فتاوى المراجع فالرد على المثقفين سيكون أهون عليك، ومن لا يستعب إفتاء الناس بغير علم فإنه لن يستصعب الرد على أحد المثقفين.

وأخيراً أقول: نصيحتي لك هي أن تدع الأمور العلمية لأهل التخصص ولا تخض فيما ليس لك به علم (مجرد نصيحة).

وأشكر سماحة العلامة السيد علوي البلادي على إنزال الرد في مدوِّنته.

غير معرف يقول...

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

يبدو أن السيد (زعلان) من ردنا عليه، ولهذا نشر التعليق السابق وفيه ما فيه..

ملاحظة للتأمل: العديد من الكتاب الذين يتم تجاهلهم يبقون مغمورين

أخوكم: السيد عباس هاشم