السبت، 17 أكتوبر 2009

الاعتراف بالبراءة يستوجب محاكمة المعذبين


خلاصة حديث الجمعة

المكان: مسجد الجبل ببلاد القديم

التاريخ: الجمعة 26 شوال 1430 هجرية الموافق 16 -10- 2009م.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبن الطاهرين.

نتناول نقطتين
في حديث اليوم

النقطة الاولى ترتبط بقوله تعالى:

( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الاحزاب/21.

وهذه النقطة القيت شفويا ولم تحرر بعد.

النقطة الثانية: ترتبط بالاقرار والاعتراف.

فقد روى في كتاب جامع احاديث الشيعة نقلا عن عوالي الآلى عن رسول الله ص انه قال:

(اقرار العقلاء على انفسهم جائز) وجائز هنا بمعنى نافذ.

فاعتراف واقرار العاقل على نفسه مقبول وقد يكون من وسائل اثبات الادانة طالما صدر بكامل الارادة وملئ الاختيار ودون أي وجه خديعة.

اما اقرار العاقل على غيره وضد الآخر فلا يساوي سوى صفر على الشمال.

فلا قيمة لان يتهم شخص آخر بجناية او يدعي عليه مديونية او نحو ذلك فلا يمثل ذلك شيئا من وسائل الاثبات.

ولكن هذا الاقرار المقبول ضد المقر نفسه والمرفوض ضد غيره لا يدخل فيه المحكمة العادلة.

فالمحكمة العادلة المستقلة التي لا تؤثر على قراراتها السطلة التنفيذية ولا أي جهة أخرى سوى النظر في وسائل الاثبات وتحقيق العدالة.

هذه المحكمة تكون احكامها نافذة وفاصلة حكمت بالادانة او البراءة.

اما المحكمة غير العادلة كالمسيسة والتي تؤثر على قرارها السلطة التنفيذية او أي جهة أخرى فان حكمها يتفاوت بلحاظ الحالات التالية:-

الحالة الاولى:

حكمها بادانة متهم بجرم بحق السلطة او احد افرادها او من يحسب عليها.

وفي هذه الحالة باعتبار عدم استقلاليتها ونزاهتها يكون حكمها لاغيا وفاقدا لاي اعتبار.

الحالة الثانية:

حكمها ببراءة متهم بجرم بحق السلطة او احد افرادها او من يحسب عليها.

وفي هذه الحالة تتأكد برائته باعتبار ان هذا الحكم من قبيل اقرار العقلاء على انفسهم نافذ ، فما لم تثبت ادانتهم يكون هذا الحكم مؤكدا لبراءة المتهم.

الحالة الثالثة:

حكمها بادانة متهم بجرم بحق غير السلطة وتوابعها وبما لا ربط له بالجنبة السياسية.

وفي هذه الحالة لا تثبت الجناية أيضا حيث لم تصدر من محكمة عادلة وان حصل الظن بارتكاب المتهم للجرم او الجناية.

وعلى هذا لا يمكن اثبات التهمة بحق شخص لا ربط له بالسياسة والمعارضة بحكم محكمة غير عادلة.

الحالة الرابعة:

حكمها ببراءة متهم بجرم بحق غير السلطة وتوابعها.

وفي هذه الحالة تتأكد براءة المتهم ما لم تدنه محكمة عادلة.

ومن باب التطبيق لما ذكرناه فحكم المحكمة ببراءة الشباب التسعة عشر من اهالي كرزكان الكرام يؤكد برائتهم بلا ريب من زاوية دعوى السلطة ومن يوافقها ومن زاوية وجهة نظر من يعارضها معا.

اما من ناحية السلطة فباعتبار برائتهم بحكم محكمة عادلة مستقلة.

واما من ناحية وجهة النظر الاخرى فباعتبار ان الحكم يوافق اصل البراءة فيؤكده ويزيده تأكيدا انه قريب من باب (اقرار العقلاء على انفسهم جائز) باعتبار عدم الاستقلالية وان القرار يمثل جهة واحدة ، وانه من باب (شهد شاهد من أهلها).

وبالتالي يستحق هؤلاء المعتقلون المفرج عنهم تعويضا عادلا عن ما لحق بهم من الضرر وتقديم كل من عذبهم الى محكمة عادلة.

كما البراءة والافراج يمثل جوا سياسيا مريحا يجب ان يكمل باطلاق معتقلي المعامير ويتمم باطلاق حوار جاد لحلحلة الملفات العالقة كالتجنيس والملف الدستوري ليخرج البلد من عنق الزجاجة ويدخل في باب الاستقرار والسلم الرحب التام.

واما بالنسبة لمعتقلي المعامير فان حكمت المحكمة ببرائتهم فيكون حالهم حال الكرزكانيين ومصداقا للحالة الثانية.

وان حكمت بادانتهم فيكون حالهم مصداقا للحالة الاولى ولا يمكننا القبول بها اذ لا شيء يثبت ادانتهم سوى اعترافات اخذت تحت التعذيب كما هو حال الكرزكانيين وباعتبار ان المحكمة لا تملك قرارها في القضايا السياسية على الاقل وبحكم هيمنة السلطة التنفيذية عليها فلا يمثل حكمها ادانة حقيقية.

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/ 90.

ليست هناك تعليقات: