خلاصة محاضرة بمناسبة ذكرى ميلاد الامام الرضا عليه السلام
المكان: مأتم الامام علي عليه السلام بالحورة.
الزمان: ليلة السبت 11 ذو القعدة 1430 هجرية الموافق 31/10/2009م.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين.
اتقدم بالتهاني والتبريكات للحضور المؤمن بمناسبة ذكرى مولد ثامن الحجج الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
وسيتناول الحديث محورين:-
المحور الاول
ابتلي الامام الرضا عليه السلام بنظام حكم يرفع شعارات جميلة ويتبنى الاصلاح والتغيير وارجاع الحق الى نصابه ولكن ذلك كله على مستوى الشعار الاجوف.
فقد اعطى للامام عليه السلام منصب ولاية العهد وقام بالغاء شعار اللون الاسود لاظهار التغيير عن سياسة من سبقه من العباسيين واستبداله باللون الاخضر واظهار الحب والولاء للامام علي بن ابي طالب عليه السلام كما تبنى شعار (الرضا من آل محمد) وقام بسك العملة الوطنية الدرهم باسم الامام الرضا عليه السلام.
ولكن على مستوى الواقع ليس هناك تغيير حقيقي فكان شعار الاصلاح اكثر ضررا على الامة حيث تتيح هذه المراوغة السياسية للمأمون تخدير الامة وهكذا تنتهي الكارثة بتصفية الامام عليه السلام حسب النقل المعروف من استشهاد الامام عليه السلام على يد المأمون بالسم.
والتغيير الاصلاحي الصوري له امثلة كثيرة من ذلك العديد من الثورات التي قامت على نظام الملكية واقامت على انقاضه حكما جمهوريا رافعة شعار الجمهور واختياره للرئيس وشعار الديموقراطية والاصلاح ونحو ذلك من شعارات رنانة ولكن الواقع لم يتغير وان حدث تغيير فهو ربما باتجاه الاسوء كما في بعض البلدان.
وكان لمثل هذا التغيير الصوري مفسدة التخدير وتأخير الاصلاح عقودا وحقبا كثيرة.
في بلدنا البحرين كان المسمى دولة البحرين وجاء التغيير الصوري الى المملكة الدستورية وكأن الوضع السابق لم يكن دستوريا وكان استبداديا فاسدا.
اجل كان كذلك على مستوى الممارسة اما الوضع الدستوري المجمد فقد كان افضل كثيرا من الوضع اللاحق.
فهل الوضع الجديد بشعار الاصلاح والتغيير والمملكة الدستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة والعدالة الاجتماعية والفصل بين السلطات الثلاث وامثال ذلك من شعارات رنانة هل هذا الوضع الجديد يحمل تغيرا حقيقيا ام مجرد تغيير صوري تخديري؟
الحكم متروك لكم.
وهل حدثت ابادة جماعية لشعب البحرين عبر التجنيس السياسي واستبداله بشعب آخر في السابق كما يحدث اليوم؟
فما اشبه ليلة البحرين ببارحة المأمون.
يأتي الرفض القاطع لاستلام العريضة ضد التجنيس السياسي لايصال رسالة واضحة تؤكد على استمرار التجنيس على رغم انف الجميع.
ومن هنا لا يجد المواطنون طريقا سوى الاصرار على رفض هذه السياسة التدميرية عبر وسائل الاحتجاج المختلفة ومنها السلسة البشرية الواقعة عصر اليوم.
المحور الثاني محور الحجة الشرعية في العمل.
في زمان حضور المعصوم عليه السلام يمثل رأيه حجة وحيدة ليس لها ثاني فهو المتبع في الفتاوى الشرعية كما انه المتبع في الاحكام الولائية وله حق تشكيل الحكومة الاسلامية العادلة وتجب طاعته ولا محيص عن قبول تشخيصاته حتى في الموضوعات الصرفة لو شخص بالفعل لعصمته الكاملة.
وهذا الامر واضح في عقائدنا ولا شبهة فيه.
اما في زمان الغيبة الكبرى كزماننا هذا فالحكم هو اتباع مرجعية الفقيه الحي الاعلم (في حال العلم بالخلاف) الجامع لشرائط المرجعية دون اي قيد او شرط اضافي.
فلا يصح التقليد القائم على اي اساس آخر مثل تقليد صاحب الفتاوى السهلة او الاسهل.
ومثل اشتراط القول بولاية الفقيه العامة او عدم القول بها او اشتراط تبني هذه النظرة الفقهية أو تلك.
وحينئذ فمثل الالتزام بولاية الفقيه من غير الفقيه اذا كان المقصود به اتباع الفقيه المتوفى ابتداءا في هذه المسألة فهو من تقليد الميت ابتداء وهو باطل ما لم يفت بصحته الفقيه الحي الاعلم.
واذا كان المقصود اتباع غير الاعلم فهو باطل لبطلان تقليد غير الاعلم.
واذا كان المقصود اتباع الحي الاعلم فهو صحيح ولكن الالتزام هنا بفتوى الفقيه الاعلم وليس الالتزام برؤية فقهية معينة وعلى هذا الاساس لو عدل هذا الفقيه عن رأيه بالولاية العامة لتم التنازل عنها من قبل مقلديه ولا يصح لهم البقاء على الالتزام بها مع تغير رأيه فيها وكذلك لو صار فقيه آخر أعلم من مرجع التقليد الفعلي وجب العدول اليه فلو فرضنا ان المعدول اليه لا يرى الولاية العامة للفقيه فلا يطبق عمله عليها.
ومثل ذلك لو مات مرجع التقليد القائل بالولاية وعدل عن تقليده للحي بمقتضى فتوى الحي فهنا سيكون المتبع فتوى الحي المعدول اليه أيضا وهكذا يتبين ان الصحيح هو اعلان الالتزام بالحجة الشرعية المتمثل في فتوى الحي الاعلم ابتداءا او البقاء على فتوى الميت بفتوى الحي الاعلم وليس الالتزام بنظرية فقهية مختلف فيها اذ ليس من الصحيح الالتزام الا بما يفتي به الفقيه الحي الاعلم.
اما لو فرضنا شخصا يشترط على الفقيه القول بالولاية العامة للفقيه ومع عدم القول بها التخلي عنه وعن تقليده هذا النحو من الاشتراط والتفكير يعني التخلي عن الحجة الشرعية اللازم اتباعها ويشابه هذا المنطق ما قيل للامام الحسن المجتبى عليه السلام (يا مذل المؤمنين) اي ان اتباع الامام عليه السلام مشروط بموافقته روحي فداه لآراء الناس في الحرب وعدم الصلح مع معاوية ولا يظن بمؤمن متدين ان يحيد عن الحجة الشرعية الى غيرها لذلك من المهم جدا تغيير شعار الالتزام بولاية الفقيه الى شعار الالتزام بالحجة الشرعية حتى لا يتخيل أحد اتباع طريق آخر غير الحجة الشرعية والله الهادي الى سواء السبيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق