حديث ليلة السبت بمسجد الصادق بالقفول
بتاريخ 19-6-2010م
أعوذ بالله السميع العليم من الفقر ومن الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
نسأل الله سبحانه وتعالى ونبتهل إليه أن يمن بالشفاء العاجل على الأستاذ المجاهد الأستاذ حسن المشيمع ( فرج الله عنه )
غياب الأستاذ عن الساحة يترك فراغاً واسعاً لما له من دور سياسي بارز وسأتحدث عن هذه الجنبة لاحقاً بمقدار يسير ، لكن دعوني أدخل في الموضوع:-
المعارضة السياسية في أي مكان في العالم نستطيع أن نقسمها إلى معارضتين ، معارضة فاعلة ومعارضة سلبية:-
المعارضة الفاعلة هي التي تواجه السلطة وتذهب بعيداً في المواجهة ، وهذه المواجهة قد تؤدي إلى خسائر مادية فادحة وإلى خسائر في الأرواح ، لكن نتيجتها إما النصر وإما الشهادة بما يلحق بالنظام وصمة عار تؤدي لزواله ولو بعد حين.
أما المعارضة السلبية فهي التي تقرأ وتقدر عدم القدرة على التغيير الجذري فلا تدخل في مشاريع النظام الظالم ولا تتعاطى معه حتى لا تمنحه القبول الشعبي العام ولا تضفي عليه الشرعية.
هذه المعارضة السلبية تحقق هدفين:-
الهدف الأول: ، تخلق ضغطاً على السلطة وتحقق درجة من التوازن فتحرمه من القبول الشعبي العام ،
الهدف الثاني: مترتب على الاول تتحقق بصورة غير مباشرة بعض المكاسب ويحصل بعض التنازل ويخف الظلم ولو قليلاً.
يمكننا أن نذكر نموذجين للنحوين من المعارضة
أما المعارضة الفاعلة فنستطيع أن نذكر لها مثالاً على ذلك الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر ( قدس الله نفسه الزكية ) والذي ذهب بعيداً في المعارضة حتى نال كرامة الشهادة.
النموذج الثاني الذي هو المعارضة السلبية والتي لا تريد أن تتعاطى مع الظالم ولا تعترف به ، تدير ظهرها له تماماً ، فمثاله الواضح هو النهج العام الذي سلكته الحوزة العلمية في النجف الأشرف وعلى رأسها قائدها المرحوم زعيم الفقهاء وسيد المجتهدين السيد الخوئي ( رحمة الله تعالى عليه )
فقد كان معارضاً سلبياً لا يتعاطى مع النظام أبداً رغم ضغوطه المتكررة ، إلا أنه لم ينطق بكلمة تمدح النظام أبداً ، لم يستطع أن يستل موقفاً من السيد ( رحمه الله ) فكان هناك إنفصال كامل بين الحوزة العلمية ممثلة بالسيد الخوئي ( رحمه الله ) وبين النظام البعثي ، فلم يكن يتعاطى معه أبداً.
من الضغوط التي مارسها النظام البعثي على السيد الخوئي (رحمة الله تعالى عليه) أنه قام بهدم المدرسة التي بناها (دار العلم) ، وقد كانت مبنية ببناء حديث ، قام النظام البعثي بهدمها من الأساس إلا أن السيد الخوئي لم ينحنِ ، إلا أن السيد الخوئي لم يعطِ كلمة ، لم يتنازل وبقي على أسلوبه المعارض.
إن من يتكلم على السيد الخوئي في السر فليسمع هذه الكلمة مني أن السيد الخوئي معارض سلبي تجاه النظام ، ولم يدخل في مشاريعه ولم يقبل بمسايرته ، لا تحسبوا السيد ( رحمة الله عليه ) انه كان مهادناً أبدأ.
سمعت من أساتذي المفدى المرحوم السيد محمد الصدر ( قدس الله نفسه الزكية ) أنه كان يصوب طريقة السيد الخوئي في التعاطي مع نظام البعث وكان يعبرأننا في ظرف تقية مكثفة تقتضي منا أن نسلك أسلوب المعارضة السلبية ( وهذا التعبير مني ) وأن لا ندخل في مواجهة دموية مع النظام وأن الشهيد السيد الصدر ( رحمة الله عليه ) مجتهد له عذره.
أقول: لكن ماذا تسمون الإنخراط في النظام والقبول بمشاريعه؟ ، هذا الأسلوب من التعاطي لا يؤدي لبقاء الظلم على حاله فحسب ، بل يؤدي لزيادة الظلم ،
أظنكم توافقوني الرأي ، في أن وضعنا إزداد سوءاً وحصل على تراجعات كبيرة ، لم يحصل تحسن في الوضع بل حصل تراجع ، لاحظوا تحت الضغط الشعبي والرأي العام المحلي والعالمي وأن المواطنين مظلومون خصوصاً الشيعة جاءت المبادرة على هذه الخلفية على خلفية هذا الضغط وبدت بوادر الإصلاح وجاءت الفرصة للتغيير.
كل ما حصل من تغييرات أبان التصويت على الميثاق كلها يعود الفضل فيها لجهاد هذا الشعب وضغطه ومعارضته ونفسه الطويل في المعارضة ، الفضل يعود لذلك.
ثم بدأنا بالإنحدار ، ليس بقولي ولا بقول أحد من أقطاب المعارضة بل هذا ما تقره وتأكده التقارير الدولية والمنظمات الحقوقية ، المظالم التي تقع في بلدنا لا نظير لها في إستهداف المواطنين سنة وشيعة.
بالله عليكم دلوني على سلطة تستأثر بما الناس فيه سواء فتحول المال العام من الأراضي والبحار لملك خاص عضوض.
أي سلطة تمارس ذلك في العالم؟ دلوني !!
دلوني على بلد تفعل ذلك وتستورد جيوش المرتزقة الذين هم ليسوا مواطنين لا من الشيعة ولا من السنة ، أتستورد هؤلاء المرتزقة لمقاومة عدو خارجي ؟ كلا إنها تستهدف الموطنين.
دلوني على سلطة تستخدم هؤلاء المرتزقة في إستعمال الرصاص الحي القاتل ، الرصاص الإنشطاري ضد المواطنين ، دلوني على سلطة من هذا القبيل.
ألا يجعل هذه الكوارث كلها بلدنا أسوء بلد لا نظير له سوى الكيان الصهيوني الذي يستهدف إبادة الشعب؟
وهكذا يفعل هذا النظام بنا.
فهل يستحق هذا النظام العنصري الفاشي كلمة مدح؟.
ومتى كان مدح الظالمين سبيلاً لإسترجاع الحقوق؟
لم نجد أي معارضة في العالم تمدح النظام الذي تعارضه هذا لا نظير له في أي مكان في العالم ،
وهكذا الإنتقاد وتسليط الضوء على الأخطاء ضروري من أجل الإصلاح ومن أجل خلق حالة من التوازن ، أما مدح الظالم والثناء عليه فلا يعطي شيئاً لا يرجع حقاً ولا يدفع باطلا.
فما سمحت السلطة بتقطيره من فتات عبر مجلسي الشورى النواب ليس سوى نتيجة نقد مثل الأستاذ المشيمع ، إن حصلتم على فتات قطره هذا المجلس فهو بفضل الأستاذ المشيمع وأمثاله.
لماذا ؟ لأن النقد المعارض المستمر يجعل النظام في حرج أليس كذلك؟،
كيف تدفع هذا الحرج ؟
في المقابل هي تريد أن تثبت للناس جدوى هذا المشروع وأنه ينفعهم ولصالحهم ،، فماذا تصنع ؟
تسمح بتقطير بعض الخدمات.
إن كان من خدمات تقطرت من هذا المجلس فهي بفضل المعارضة ، بفضل المشيمع وأمثال المشيمع الفضل يعود له ولا يعود الفضل لمدح النظام ، إلى أي شيء أوصلنا مدح النظام ؟ أوصلنا إلى تراجعات ، تراجعات متتابعة.
وهكذا ، ليس ذلك سوى نتيجة نقد الأستاذ حسن المشيمع وأمثاله مع الرغبة الملحة من السلطة في إنجاح مشروعها وإقناع الناس بجدوى التجربة حتى يكتب علينا الفناء وتبقى المعادلة إلى ما يعلم الله.
إن هذا المشروع عند السلطة مشروع إستراتيجي للقضاء علينا ، يراد له أن يبقى إلى الأبد ، يستهدف في النهاية القضاء علينا ، وإستبدال هذا الشعب بشعب مرتزق ، هم يأتون بالمرتزقة لا يستعملونهم فقط لمواجهة شبابنا في القرى والأرياف ، بل يجنسونه ، يعطونه الجنسية ويعطونه السكن ، يعطونه بيوتنا ، يعطونه أرضنا يعطونه خيراتنا ، هذا واقع البلد هذا هو الواقع المر.
هل يصح مدح هذا النظام ؟
مدح طريقة تعاطيه معنا ؟
يستحق كلمة مدح منا ؟
هل يمكن للمدح أن يوصلنا لشيء ؟
هذا هو الواقع المأساوي
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج عن أسرانا وأن يرحم شهدائنا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق