لماذا لا يستثمر الخمس في البورصة؟
ليست أموال الخمس بالقليلة حتى لا يلتفت لها فهي تشكل ميزانية بحجم ميزانية وزارة في دولة نامية فلذا يطرح هذا السؤال لماذا لا تستثمر هذه الأموال في العقارات والبورصات وغيرها لتدر في النهاية على الفقراء والمشاريع الخيرية أليس ذلك أفضل من الإنفاق بلا عائد فلتستثمر تلك الأموال أو جزء منها وتنفق
عائداتها على مصارف الخمس المقررة.
هذا التساؤل وجيه ولكن تحقيق ذلك على ارض الواقع وتنفيذه يواجه معضلتين المعضلة الأولى فقهية فالحق الذي فرضه الله لأهله يجب تسليمه لمستحقه دون تأخير أو نقصان فضلا عن صرفه في جهة أخرى فإذا كان القران الكريم يوجه بإعطاء الفقير زكاة أو خمسا فهذا معناه بكل وضوح تسليمه بيده وليس بناء عمارة لتأجيرها تماما كتوجيه القران الكريم منح أموال الميت لورثته فهل يصح لأحد أن يستثمر تركة المتوفى ليعطي الإرباح لأولاده وورثته بعد منع أصل المال عنهم؟
والضرائب التي تأخذها بعض الحكومات لصالح العاطلين والفقراء لا يقبل منها استثمارها بل صرفها على المستحقين وهكذا تفعل.
المعضلة الثانية موضوعية تتمثل في المخاطرة بالمال إذ يواجه الاستثمار احتمال الخسارة الكلية أو الجزئية لرأس المال الذي لا ضمان يكفل عدم حدوث تلك الخسائر التي ربما تطال الإرباح المفترضة بل نفس المال المودع في الاستثمار.
مضافا إلى أن الاستثمار يحتاج لتسجيله في الأوراق الرسمية باسم شخص أو أشخاص أو تسجيله باسم مؤسسة عامة أهلية أو حكومية وفي حالة التسجيل الأولى قد يستولي الشخص المسجل باسمه على تلك الأموال محميا بالقانون وإذا كان الشخص موثوقا بما فيه الكفاية فما هو الضمان أن لا يستولي على المال ورثته في حال حدوث وفاته خصوصا أن الموت يأتي فجأة ودون سابق إنذار.
وفي حالة التسجيل الثاني فالأمر مفتقر إما لتسليم هذه الأموال لجهة رسمية ودائرة حكومية أو لتأسيس جمعية أهلية تكون وظيفتها تولي إدارة تلك الأموال إيداعا وصرفا واستثمارا ولا يظن بأحد الموافقة على تسليم الخمس لجهة رسمية عامة إذ هو مخالف للعقيدة الفقهية التي يؤمن بها دافعوا الخمس أنفسهم اما تسليمه لمؤسسة خيرية أهلية يمكن أن يزمع إنشائها ففي ذلك مخاطر جمة تحيط بعملية تحويل الخمس لمؤسسة أهلية نستعرض بعضها في المقال التالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق